بعض، وقدم الكتب الخمسة المعقودة للأدلة على كتاب الترجيح؛ لأن الترجيح من صفات الأدلة فهو متأخر عنها قطعا، وقدم الكتب الأربعة التي هي في الأدلة المتفق عليها على الكتاب المعقود للأدلة المختلف فيها لقوة المتفق عليه، وقدم الكتاب والسنة والإجماع على القياس؛ لأن القياس فرع عنها، وقدم الكتاب والسنة على الإجماع لأنه فرع عنهما، وقدم الكتاب على السنة لأن الكتاب أصلها، وأما وجه الاحتياج إلى المقدمة فهو ما تقدم من أن الحكم بالإثبات والنفي موقوف على التصور، فلأجل ذلك احتاج قبل الخوض في أصول الفقه إلى مقدمة معقودة للأحكام ولمتعلقات الأحكام وهي أفعال المكلفين، فإن الحكم متعلق بفعل المكلف، وجعل المقدمة مشتملة على بابين: الأول في الحكم، والثاني فيما لا بد للحكم منه، وذكر في الباب الأول ثلاثة فصول: الأول في تعريف الحكم، والثاني في أقسامه، والثالث في أحكامه، وذكر في الباب الثاني ثلاثة فصول: الأول في الحاكم، والثاني في المحكوم عليه، والثالث في المحكوم به. واعلم أن حصر الكتاب فيما ذكره يلزم منه أن يكون تعريف الأصول والفقه، وما ذكر بعدهما من السؤال والجواب ليس من هذا الكتاب؛ لأنه لم يدخل في المقدمة ولا في الكتب، إلا أن يقال: الضمير في قوله: رتبناه، عائد إلى العلم لا الكتاب وفيه بعد وقوله: "المتفق عليه بين الأئمة" أشار به إلى أن المخالفين في هذه الأربعة ليسوا بأئمة يعتبر كلامهم، فلا عبرة بمخالفة الروافض في الإجماع، ولا بمخالفة النظام في القياس، ولا بمخالفة الدهرية في الكتاب والسنة على ما نقله عنهم ابن برهان في أول الوجيز وغيره، وقوله: "لا جرم رتبناه" أي: لأجل أن الأصول عبارة عن المعارف الثلاث كما تقدم بسطه، ولأجل أن التصور لا بد منه رتبناه على كذا وكذا، وهذا الترتيب فاسد، وصوابه: أنا رتبناه بزيادة أن كما وقع في القرآن، وذلك أن جرم فعل قال سيبويه: بمعنى حقا، والفراء وغيره بمعنى: ثبت، والذي بعدها هو فاعلها، ورتبناه لا تصلح للفاعلية؛ لأنه فعل ليس معه حرف مصدري. وقوله: "على مقدمة" المراد بالمقدمة ما تتوقف عليها المباحث الآتية، قال الجوهري في الصحاح: مقدمة الجيش -بكسر الدال: أوله، ثم قال: وفي مؤخرة الرجل وقادمته لغات، منها: مقدمة بفتح الدال شددة فيجوز هنا الوجهان؛ نظرا إلى هذين المعنيين.
الباب الأول في الحكم: الفصل الأول: تعريفه الحكم خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء، أو التخيير. قال: "الباب الأول في الحكم وفيه فصول، الأول وفي تعريفه: الحكم خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء، أو التخيير" أقول: يقال: خاطب زيد عمرًا يخاطبه خطابا ومخاطبة أي: وجه اللفظ المفيد إليه، وهو بحيث يسمعه فالخطاب هو التوجيه، وخطاب الله تعالى توجيه ما أفاد إلى المستمع أو من في حكمه، لكن مرادهم هنا بخطاب الله تعالى هو ما أفاد وهو الكلام النفساني؛ لأنه الحكم الشرعي لا توجيه ما أفاد؛ لأن التوجيه ليس بحكم، فأطلق المصدر وأريد ما خوطب به على سبيل المجاز، من باب إطلاق المصدر على سم المفعول، فالخطاب جنس، وبإضافته إلى
الباب الأول في الحكم: الفصل الأول: تعريفه الحكم خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء، أو التخيير. قال: "الباب الأول في الحكم وفيه فصول، الأول وفي تعريفه: الحكم خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء، أو التخيير" أقول: يقال: خاطب زيد عمرًا يخاطبه خطابا ومخاطبة أي: وجه اللفظ المفيد إليه، وهو بحيث يسمعه فالخطاب هو التوجيه، وخطاب الله تعالى توجيه ما أفاد إلى المستمع أو من في حكمه، لكن مرادهم هنا بخطاب الله تعالى هو ما أفاد وهو الكلام النفساني؛ لأنه الحكم الشرعي لا توجيه ما أفاد؛ لأن التوجيه ليس بحكم، فأطلق المصدر وأريد ما خوطب به على سبيل المجاز، من باب إطلاق المصدر على سم المفعول، فالخطاب جنس، وبإضافته إلى
1 / 16