اعترضه أفضل المحققين : «بأن الإمكان أمر عقلي ، فمهما اعتبر العقل للإمكان ماهية ووجودا ، حصل فيه إمكان امكان وانقطع عند انقطاع الاعتبار. فإن كون الشيء معقولا ينظر فيه العقل ويعتبر وجوده ولا وجوده ، غير كونه آلة للعاقل ، ولا ينظر فيه من حيث ينظر فيما هو آلة لتعقله ، بل إنما ينظر به ، مثلا العاقل يعقل السماء بصورة في عقله، ويكون معقوله السماء ، [و] (1) لا ينظر حينئذ في الصورة التي بها يعقل السماء ، ولا يحكم عليها بحكم ، بل يعقل أن المعقول بتلك الصورة هو السماء وهو جوهر. ثم إذا نظر في تلك الصورة ، أي يجعلها معقولا (2) منظورا إليها ، لا آلة في النظر إلى غيرها ، وجدها عرضا موجودا في محل هو عقله ممكن الوجود (3). وهكذا «الإمكان» هو كآلة للعاقل بها يعرف حال الممكن في أن وجوده كيف يعرض لماهيته ، ولا ينظر في كون الإمكان موجودا أو غير موجود ، أو جوهرا أو عرضا أو واجبا أو ممكنا. ثم إن نظر في وجوده أو إمكانه أو وجوبه أو جوهريته أو عرضيته ، لم يكن بذلك الاعتبار إمكانا لشيء ، بل كان عرضا في محل هو العقل ، وممكنا في ذاته ، ووجوده غير ماهيته. وإذا تقرر هذا ، فالإمكان من حيث هو إمكان لا يوصف بكونه موجودا أو غير موجود أو ممكنا أو غير ممكن. وإذا وصف بشيء من ذلك لا يكون حينئذ إمكانا ، بل يكون له إمكان آخر» (4).
وهذا الكلام على طوله لا يفيد مطلوبه ، بل هو تسليم لما قلناه ، فإنه إذا كان أمرا عقليا كان عدميا في الخارج لا تحقق له فيه ، وهو المراد.
صفحه ۱۱۴