70

نهایت محتاج

نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج

ناشر

دار الفكر

شماره نسخه

أخيرة

سال انتشار

۱۴۰۴ ه.ق

محل انتشار

بيروت

ژانرها

فقه شافعی
وَمَاءُ أَرْضِ بَابِلَ، وَمَاءُ بِئْرِ ذَرْوَانَ (وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي فَرْضِ الطَّهَارَةِ) عَنْ الْحَدَثِ كَالْغَسْلَةِ الْأُولَى وَلَوْ مِنْ طُهْرِ صَاحِبِ ضَرُورَةٍ طَاهِرٍ غَيْرِ مُطَهِّرٍ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ ﷺ وَأَصْحَابُهُ ﵃ احْتَاجُوا فِي مَوَاطِنَ مِنْ أَسْفَارِهِمْ الْكَثِيرَةِ إلَى الْمَاءِ وَلَمْ يَجْمَعُوا الْمُسْتَعْمَلَ لِاسْتِعْمَالِهِ مَرَّةً أُخْرَى. فَإِنْ قِيلَ: وَلَمْ يَجْمَعُوا الْمُسْتَعْمَلَ فِي النَّفْلِ فَلِمَ قُلْتُمْ بِطَهُورِيَّتِهِ؟ قُلْنَا: الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْحَالَةِ يَقْتَصِرُونَ عَلَى فَرْضِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ. فَإِنْ قُلْت: طَهُورٌ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ بِوَزْنِ فَعُولٍ فَيَقْتَضِي تَكَرُّرَ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ. قُلْنَا: فَعُولٌ يَأْتِي اسْمًا لِلْآلَةِ كَسَحُورٍ لِمَا يُتَسَحَّرُ بِهِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ طَهُورًا كَذَلِكَ، وَلَوْ سُلِّمَ اقْتِضَاؤُهُ التَّكَرُّرَ فَالْمُرَادُ بِهِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ ثُبُوتُ ذَلِكَ لِجِنْسِ الْمَاءِ أَوْ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي مَرَّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا أَزَالَ الْمَنْعَ مِنْ نَحْوِ الصَّلَاةِ انْتَقَلَ ذَلِكَ الْمَنْعُ إلَيْهِ كَمَا أَنَّ الْغَسَّالَةَ لَمَّا أَثَّرَتْ فِي الْمَحَلِّ تَأَثَّرَتْ، فَسُقُوطُ طَهُورِيَّتِهِ مُعَلَّلٌ بِإِزَالَتِهِ الْمَنْعَ لَا بِتَأَدِّي مُطْلَقِ الْعِبَادَةِ، وَمُرَادُهُ بِالْفَرْضِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَتَمَّ تَارِكُهُ أَمْ لَا، فَشَمِلَ وُضُوءَ الصَّبِيِّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ بِأَنْ وَضَّأَهُ ــ [حاشية الشبراملسي] حَضْرَمَوْتَ جَاءَ أَنَّ فِيهِ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ، وَقِيلَ بِئْرٌ بِحَضْرَمَوْتَ، وَقِيلَ هُوَ اسْمُ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْبِئْرُ رَائِحَتُهَا مُنْتِنَةٌ فَظِيعَةٌ جِدًّا انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَمَاءُ أَرْضِ بَابِلَ) اسْمُ مَوْضِعٍ بِالْعِرَاقِ يُنْسَبُ إلَيْهِ السِّحْرُ وَالْخَمْرُ. قَالَ الْأَخْفَشُ: لَا يَنْصَرِفُ لِتَأْنِيثِهِ وَتَعْرِيفِهِ وَكَوْنِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ انْتَهَى. مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ: وَمَاءُ بِئْرِ ذَرْوَانَ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَيُقَالُ فِيهَا أَيْضًا أَرْوَانَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ انْتَهَى مَرَاصِدُ الِاطِّلَاعِ فِي أَسْمَاءِ الْأَمْكِنَةِ وَالْبِقَاعِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقَامُوسِ مَا نَصُّهُ: بِئْرُ ذَرْوَانَ بِالْمَدِينَةِ أَوْ هُوَ ذُو أَرْوَانَ بِسُكُونِ الرَّاءِ، وَقِيلَ بِتَحْرِيكِهِ أَصَحُّ انْتَهَى (قَوْلُهُ: فِي مَوَاطِنَ مِنْ أَسْفَارِهِمْ) أَيْ الْقَلِيلَةِ الْمَاءِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ. لَا يُقَالُ: إنَّمَا لَمْ يَجْمَعُوهُ لِغَرَضٍ آخَرَ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ تَحْصِيلَ الْمَاءِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مُحَافَظَةُ الصَّحَابَةِ عَلَى فِعْلِ الْعِبَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ يُوجِبُ فِي الْعَادَةِ أَنَّهُمْ يُحَصِّلُونَهُ مَتَى قَدَرُوا عَلَيْهِ وَيَدَّخِرُونَهُ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: يَقْتَصِرُونَ عَلَى فَرْضِ الطَّهَارَةِ) عِبَارَةُ ابْنِ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ، نَعَمْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: كَمَا لَمْ يَجْمَعُوا مَاءَ الْمَرَّةِ الْأُولَى لَمْ يَجْمَعُوا مَا بَعْدَهَا مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، فَإِنْ دَلَّ عَدَمُ الْجَمْعِ عَلَى عَدَمِ طَهُورِيَّتِهِ فِي الْأُولَى فَلْيُدَلِّس عَلَيْهِ أَيْضًا فِيمَا بَعْدَهَا وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ الْمَطْلُوبُ أَيْضًا، وَهِيَ وَاقِعَةٌ حَالَ فِعْلِيَّةٍ. وَيُجَابُ بِأَنَّ عَدَمَ الْجَمْعِ دَالٌّ عَلَى مَا ذُكِرَ، لَكِنَّهُمْ اسْتَنْبَطُوا مَعْنَى خَصَّصَ الْحُكْمَ بِالْأُولَى وَهُوَ انْتِقَالُ الْمَنْعِ إلَيْهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْمَعُوا مَا بَعْدَهَا لِاخْتِلَاطِهِ غَالِبًا بِمَاءِ الْأُولَى، فَكَانَ الْجَمْعُ مَظِنَّةَ الْمَحْذُورِ مِنْ اخْتِلَاطِ طَهُورِهِ بِغَيْرِهِ الَّذِي قَدْ يُؤَثِّرُ فِيهِ، وَبِأَنَّ الِاحْتِمَالَ الَّذِي فِي غَايَةِ الْبُعْدِ لَا يُؤَثِّرُ فِي وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ (قَوْلُهُ: لَمَّا أَثَّرَتْ فِي الْمَحَلِّ إلَخْ) هَذَا ــ [حاشية الرشيدي] قَوْلُهُ: بِئْرِ ذَرْوَانَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ، كَمَرْوَانَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَلِمُسْلِمٍ بِئْرُ ذِي أَرْوَانَ، وَأَسْقَطَ الْأَصِيلِيُّ الرَّاءَ وَغَلِطَ، وَكَانَ الْأَصْلُ ذِي أَرْوَانَ فَسُهِّلَتْ الْهَمْزَةُ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ فَصَارَ ذَرْوَانَ، وَرُوِيَ بِئْرُ أَرْوَانَ بِإِسْقَاطِ ذِي وَهِيَ بِئْرُ بَنِي زُرَيْقٍ وَضَعَ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ وَكَانَ مُنَافِقًا حَلِيفًا فِي بَنِي زُرَيْقٍ سِحْرَهُ فِيهَا لِلنَّبِيِّ ﷺ تَحْتَ رَاعُوفَتِهَا، وَكَانَ مَاؤُهَا كَنُقَاعَةِ الْحِنَّاءِ وَنَخْلُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ، فَأَمَرَ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فَدُفِنَتْ بَعْدَ إخْرَاجِ السِّحْرِ مِنْهَا لَكِنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ لِلنَّاسِ، هَكَذَا فِي [خُلَاصَةِ الْوَفَا فِي أَخْبَارِ دِيَارِ الْمُصْطَفَى] لِلسَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ أَنَّهُ غَيْرُ طَهُورٍ، فَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الثَّانِي فَقَطْ، أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي غَيْرُ طَهُورٍ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ طَاهِرٌ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ غَيْرَ طَاهِرٍ (قَوْلُهُ: قُلْنَا فَعُولٌ يَأْتِي اسْمُ آلَةٍ كَسَحُورٍ إلَخْ) فِيهِ تَسْلِيمُ أَنَّ طَهُورَ يَقْتَضِي تَكَرُّرَ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ، وَهُوَ إنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَ صِيغَةَ مُبَالَغَةٍ مِنْ مُطَهِّرٍ، وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ مِنْ طَاهِرٍ لَا مِنْ مُطَهِّرٍ، فَمَعْنَاهُ تَكَرُّرُ الطَّاهِرِيَّةِ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِتَكَرُّرِهَا مَعْنًى حَمَلَ الْمُبَالَغَةَ عَلَى أَنَّهُ يُطَهِّرُ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَمَّا أَزَالَ الْمَنْعَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ ﷺ وَأَصْحَابَهُ إلَى آخِرِهِ، وَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ

1 / 72