نهاية المطلب في دراية المذهب
نهاية المطلب في دراية المذهب
ویرایشگر
عبد العظيم محمود الدّيب
ناشر
دار المنهاج
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
۱۳۲۸ ه.ق
محل انتشار
جدة
ژانرها
فقه شافعی
¬المبحث الأول: الإمام الشافعي
لا أريد هنا أن أكتب ترجمة للإمام الشافعي ﵁ وأرضاه، فقد ترجم له كثيرون قديمًا وحديثًا تراجمَ مطولة، وموجزة، وهي متاحة ميسورة، مَدَّ اليد لمن يطلبها، ولا أريد أن أقع فيما تبّرم به إمام الحرمين، وحذَّر منه حين قال: " ومعظم المتلقبين بالتصنيف في هذا الزمان السخيف يكتفون بتبويب أبواب، وترتيب كتاب، متضمنه كلامُ مَنْ مضى، وعلوم من تصرّم وانقضى" (١)، وأملي أن ألتزم نُصحه ومنهجه، فقد قال: " حقٌّ على من تتقاضاه قريحته تصنيفًا، وجمعًا وترصيفًا أن يجعل مضمون كتابه أمرًا لا يُلفى في مجموع، وغرضًا لا يصادف في تصنيف " (٢).
ومن هنا سأحاول أن أشير إلى معنىً ظهر لي أثناء مراجعتي وتأملي لتراجم الإمام الشافعي التي أفاد وأجاد في كتابتها السابقون واللاحقون، وعسى أن يوفقني الله في الإبانة والتعبير عن هذا المعنى الذي أدركته.
إن المتأمل في حياة الإمام الشافعي يستطيع أن يرى أن الأقدار قد هيأت للشافعي، وهيأت الشافعيَّ، قد هيأت للشافعي البيئة بعنصريها الزمان والمكان، وساقته المقادير بوقائعَ ومواقفَ أو ساقتها له.
فقد ولد الشافعي في سنة ١٥٠ هـ، فكانت نشأته وحياته في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري، حيث كان العصر -كما رسمنا ملامحه فيما سلف- عصرَ رخاء وسَعة، واستقرار وعمران، ومن الناحية الفكرية كان التدوين قد بدأ، وشاعت الكتابة، وكان العلم قد استبحر، وتنوعت فنونه، وأخذت مناهج كل فن تتضح وتتمايز، فبدأ تدوينُ السنة، وتدوين الفقه، وتدوين القراءات، واللغة، وغيرها، وبدأت حلقات العلم، ومجالس المناظرة.
(١) ر. الغياثي: فقرة رقم ٤٥.
(٢) ر. السابق نفسه: فقرة رقم ٢٤٢.
المقدمة / 97