نهایت در فتنهها و ملاحم
النهاية في الفتن والملاحم
ویرایشگر
محمد أحمد عبد العزيز
ناشر
دار الجيل
ویراست
١٤٠٨ هـ
سال انتشار
١٩٨٨ م
محل انتشار
بيروت - لبنان
مِنْ حَدِيثِكَ: يُحْشَرُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟ قَالَ: فَضَرَبَ على منكبها وقال: "يَا بِنْتَ أَبِي قُحَافَةَ: شُغِلَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ عن النظر، وسموا بأبصارهم موقوفين، لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ، شَاخِصِينَ بِأَبْصَارِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ الْعَرَقُ قَدَمَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ بَطْنَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ مِنْ طول الوقوف، ثم يرحم الله من بعد ذلك العباد، فيأمر الله الملائكة المقربين فيحملون عرشه من السموات إِلَى الْأَرْضِ، حَتَّى يُوضَعَ عَرْشُهُ فِي أَرْضٍ بيضاء لم يسفك عليها دم، ولم تعمل فِيهَا خَطِيئَةٌ، كَأَنَّهَا الْفِضِّةُ الْبَيْضَاءُ، ثُمَّ تَقُومُ الْمَلَائِكَةُ حَافِّينَ مَنْ حَوْلِ الْعَرْشِ، وَذَلِكَ أَوَّلُ يوم نظرت عين إلى الله، فيأمر مناديًا فينادي بصوت يسمعه الثقلان من الجن والإِنس، أين فلان فلان بن فلان بن فُلَانٍ؟ فَيَشْرَئِبُّ النَّاسُ لِذَلِكَ الصَّوْتِ، وَيَخْرُجُ ذَلِكَ المنادي من الموقف، فيعرفه الله للناس ثم يقال تخرج معه حسناته، يعرف الله أهل الموقف بتلك الْحَسَنَاتِ، فَإِذَا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قيل أين أصحاب المظالم فيجيبون رجلًا، فيقال لكل واحد منهم أظلمت فلانًا لكذا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ، فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كانوا يعملون، فتؤخذ حسنات الظالم فتدفع إلى من ظلمه، ثم لَا دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِلَّا أَخْذٌ مِنَ الْحَسَنَاتِ، وَرَدٌّ مِنَ السَّيِّئَاتِ، فَلَا يَزَالُ أَصْحَابُ المظالم يستوفون من حسنات الظالم حتى لا تبقى لَهُ حَسَنَةٌ، ثُمَّ يَقُومُ مَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا فَيَقُولُونَ: مَا بَالُ غَيْرِنَا استوفى ومنعنا فَيُقَالُ لَهُمْ: لَا تَعْجَلُوا، فَيُؤْخَذُ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَيْهِ، حَتَّى لَا يَبْقَى أَحَدٌ ظَلَمَهُ بِمَظْلَمَةٍ، فَيُعَرِّفُ اللَّهُ أَهْلَ الْمَوْقِفِ أَجْمَعِينَ ذَلِكَ، فإذا فرغ من حساب الظالم قِيلَ: ارْجِعْ إِلَى أُمِّكَ الْهَاوِيَةِ، فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ، وَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ مَلَكٌ، وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَلَا صديق، ولا شهيد، إلا ظن لما رآه مِنْ شِدَّةِ الْحِسَابِ أَنَّهُ لَا يَنْجُو، إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ ﷿".
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلِبَعْضِهِ شَاهِدٌ فِي الصَّحِيحِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ قَرِيبًا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَبِهِ الثِّقَةُ، وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.
1 / 320