نداء الحقيقة: مع ثلاثة نصوص عن الحقيقة لهيدجر
نداء الحقيقة: مع ثلاثة نصوص عن الحقيقة لهيدجر
ژانرها
وهذا يسقط خارج
44
ماهية الحقيقة؛ من أجل هذا يمكن إهمال اللاحقيقة، بوصفها الضد المقابل للحقيقة، حيثما أردنا إدراك الماهية الخالصة لهذه الأخيرة.
ولكن هل ما زلنا بحاجة للكشف عن ماهية الحقيقة؟ أليست الماهية الخالصة للحقيقة متمثلة بصورة كافية في ذلك المفهوم الذي لا تعكره نظرية والذي تحميه بداهته ويتفق الجميع على صحته وصدقه؟ وأخيرا فإننا حين نأخذ رد حقيقة القضية إلى حقيقة الشيء على معناه القريب المألوف، أي من جهة كونه تفسيرا لاهوتيا، وحين نصر على تنقية التحديد الفلسفي للماهية من كل تدخل من جانب اللاهوت ونقصر تصور (مفهوم) الحقيقة على حقيقة القضية، فإنما نلتقي بذلك مع تراث فكري قديم، وإن لم يكن هو أقدم تراث، وهو تراث يرى أن الحقيقة هي تطابق (هومويوزيس) عبارة (لوجوس) مع شيء (براجما)،
45
فما حاجة العبارة إلى بحث أو سؤال، إذا فرضنا أننا نعرف معنى تطابق العبارة مع الشيء؟ ولكن هل نعرف هذا؟ (2) الإمكانية الباطنة للتطابق
نحن نتحدث عن التطابق ونقصد به معاني مختلفة، فنقول مثلا عن قطعتين من العملة النقدية فئة الماركات الخمس موضوعتين على المائدة: إنهما متفقتان في وحدة مظهرهما؛ ولهذا تشتركان في هذا المظهر وتكونان من وجهة النظر هذه متشابهتين، ثم إننا نتحدث عن التطابق عندما نقول مثلا عن إحدى هاتين القطعتين من فئة الخمسة ماركات: هذه القطعة النقدية مستديرة، هنا ينطبق القول أو العبارة على الشيء، وفي هذه الحالة لا تقوم العلاقة بين شيء وشيء، بل بين عبارة وشيء، ولكن ما الذي يمكن أن يجعل الشيء والعبارة متطابقين، إذا كان من الواضح أن طرفي العلاقة مختلفان في مظهرهما؟ إن العملة النقدية مصنوعة من المعدن، والعبارة غير مادية على الإطلاق، العملة النقدية مستديرة، والعبارة ليس لها صفة مكانية على الإطلاق، بالعملة النقدية يمكن أن نشتري شيئا ما، والعبارة التي تقال عنها لا تصلح أبدا لأن تكون وسيلة شراء، ولكن على الرغم من كل هذا الاختلاف بينهما فإن العبارة المذكورة تتطابق بوصفها عبارة حقيقية (صادقة) مع القطعة النقدية، وينبغي أن يفهم هذا التطابق، وفقا للتصور الشائع عن الحقيقة، على أنه تكافؤ.
46
كيف يمكن أن يتكافأ هذا الشيء المختلف تمام الاختلاف، وهو العبارة، مع القطعة النقدية؟ يتحتم على العبارة لكي تحقق هذا أن تتحول إلى قطعة نقدية وأن تلغي بذلك نفسها تماما، ولكن العبارة لن تفلح في ذلك أبدا، وفي اللحظة التي يتحقق فيها مثل هذا التحول سيستحيل على العبارة، بما هي عبارة، أن تتطابق مع الشيء، إن العبارة يجب أن تبقى في التكافؤ ، بل إنها لا تصبح ما هي عليه إلا إذا بقيت كذلك.
47
صفحه نامشخص