172

نظم الدرر في تناسب الآيات والسور

نظم الدرر في تناسب الآيات والسور

ناشر

دار الكتاب الإسلامي

محل انتشار

القاهرة

انقداحها من أعمال المجزيين بها ومن كونهم، فهم منها مخلوقون وبها مغتذون إلا أنها منطفية الظاهر في الدنيا متأججة في يوم الجزاء ومثال كل مجزي منها بمقدار ما في كونه من جوهرها.
قلت: ويؤيده ﴿إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين﴾ [الإسراء: ٢٧] أي في أن الغالب عليهم العنصر الناري المفسد لما قاله: ﴿ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزًا﴾ [مريم: ٢٧] قال: وفي ذكر الحجارة إفهام عموم البعث والجزاء لما حوته السماء والأرض وأن كل شيء ليس الثقلين فقط يعمه القسم بين الجنة والنار كما عمه القسم بين الخبيث والطيب؛ وإنما اقتصر في مبدأ عقيدة الإيمان على الإيمان ببعث الثقلين وجزائهم تيسيرًا واستفتاحًا، وما سوى ذلك فمن زيادة الإيمان وتكامله كما قال:
﴿ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم﴾ [الفتح: ٤] ومن العلماء من وقف بإيمانه على بعث الثقلين وجزائهما، حتى أن منهم من ينكر جزاء ما سواهما ويتكلف تأويل مثل قوله ﵇: «يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء» انتهى.
ولما تم ذلك وكان ﴿الناس﴾ عامًا للكافر وغيره كان كأنه قيل: هذه النار لمن؟ فقيل: ﴿أعدت﴾ أي هيئت وأكملت قبل زمن استعمالها

1 / 188