نزعة فکر اروپایی در قرن نوزدهم
نزعة الفكر الأوروبي في القرن التاسع عشر
ژانرها
ولست أعلم أن في الأدب الفرنسوي برمته كتابا في تاريخ «الفكر»
Histoire de pensée
تناول بالبحث عصرا طويلا أم قصيرا من عصور النشوء الفكري، على أنني أعرف في الأدب الألماني عددا من المؤلفات في تاريخ الفكر، غير أن معظمها قد استعمل كلمة
Weltanschauung ، أو أوسع من معنى الفكر فجعله يدل على عصر من عصور المدنية
Kulturgeschichte ، أو حدد دائرته فأصبح قاصرا على تاريخ الأدب وحده. وجماع ذلك عائد إلى حاجة اللغة الألمانية إلى اصطلاح محدود المعنى كالاصطلاح الإنكليزي، على أنني مع هذا أعتقد أن تصور «الفكر» على النمط الذي أمضي فيه وليد التقدم الشعوبي العام، وليس خاصا بتقدم العقل الإنكليزي وحده، ولم يتمخض عنه الزمان إلا في العصر الذي أؤرخ فيه، وهو عصر كان أخص ما فيه من صور الارتقاء تبادل الفكرات بين الشعوب، بعد أن كسرت الأمم قيود الاستقلال بمنتجاتها العقلية.
لقد تحيز في عقل النابغة «توماس كارليل» ذلك التصور العميق الذي حدا به إلى الاعتقاد بأن هنالك كائنا عقليا روحيا مختبئا وراء الحركات العالمية الظاهرة؛ ذلك لأن «كارليل» كان أول من عني من علماء الإنكليز ببحث البواعث العقلية التي أنتجت ذلك التغير البين الذي نشده في أوروبا الحديثة. هو أول من خص كلمة «فكر» بمعنى خاص بها هو نفس المعنى الذي نخصها به في مبحثنا هذا، وجعل «الفكر»
Thought
موضوع دراسة خاصة للذين أتوا من بعده من الباحثين، هو الذي حدد «الفكر» وأوسع من دائرة البحث فيه، ففتح للعقول أوجها من التأمل في حقيقة الفكر، ولكنه مع هذا خلقه خلقا جديدا، فأخرج منه قوة شعر بها كل إنسان، ووضع له اصطلاحا لن تبلغ اللغات إلى وضع ما يدانيه ضبطا وتحقيقا.
لا يوجد في كل اللغات الأوروبية اصطلاح كالاصطلاح الإنكليزي، الذي وضعه «كارليل»، يتضمن الفكرة في السبب والنتيجة معا، ويجمع بين الأجزاء والكل المثالي. وهو مع هذا اصطلاح لا يلزمنا العكوف على نظرية موضوعة أو مذهب شائع؛ إذ إن ذلك الاصطلاح يفسح للمفكرين الذين تختلف نظراتهم كل الاختلاف مجال النظر في حقيقته، من غير أن يفقد كل منهم شيئا من استقلال فكرته.
2
صفحه نامشخص