ما يجده بعض من الناس من الخوف من الظلام وإن كان المكان خاليا من أي مخوف، فالعقل يحكم ضرورة بحكمه وهو بطلان الوهم والخيال، والخيال والوهم يحكم بحكمه وهو الأشباح المفجعة والدواهي الموحشة. فإذا ما سيطر الخيال على الإنسان فإن العقل يضيع ويضعف حكمه، هذا مع ما في ذلك من الموافقة لرغبات النفس وميل غريزتها، وتماما كما قال تعالى: ((إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس))[النجم:23].
فنقول وبالله التوفيق: الاستدلال هنا بالعقل مصادرة في الظاهر، وبما أن المخالفين لنا في حكم العقل هم من المنتمين إلى القرآن فنكتفي في الاستدلال على بطلان مذهبم به.
قال تعالى: ((إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر)) [النحل:90]، ففي هذه الآية دليل على أن الله سبحانه وتعالى لم يأمر ولم ينه إلا بما يتوافق مع الفطرة، ويتمشى مع العقل السليم، فهو يأمر بكذا وكذا ينهى عن كذا وكذا فلأي شيء يهربون من الدين، ويكفي للعلم بأنه حق أن يتذكر الإنسان يراجع عقله، وينظر في الأوامر القرآنية، فما أمرت إلا بما ترغب فيه النفس وتميل إليه الفطرة، ولم ينه إلا عن ما يتفاحش في العقل، وتستنكره الفطرة.
صفحه ۴۶