ومن ذلك أيضا ما يعرض لنا فى عقب التعب الشديد، ما لم يكن فى أبداننا حرارة غريبة خارجة عن الغريزة؛ فإنا نحتاج إلى تسكين أبداننا من الحركة المتعبة، فإذا سكناها بطنت الحرارة وارتفعت إلى أدمغتنا تلك الأبخرة الباردة الرطبة؛ وقد تعيننا الطبيعة على ذلك عونا شديدا، فإن ذلك جنس من سياستها للأبدان، لأن النوم يفعل سكون الأعضاء من الحركة وتفريغ الآلة الهاضمة للهضم وإفادة البدن من الغذاء خلفا من كل ما سال وتحلل منه بالتعب، مع تفريغها أيضا الحرارة لطبخ ما فى باطن البدن ببطونها فى باطنه؛ وهذه هى العلة التمامية لكون النوم.
صفحه ۳۰۹