168

نثر الدر

نثر الدر

پژوهشگر

خالد عبد الغني محفوط

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م

محل انتشار

بيروت /لبنان

وَمن كَلَامه ﵇: أعجب مَا فِي هَذَا الْإِنْسَان قلبه، وَله مواد من الْحِكْمَة وأضدادٌ من خلَافهَا، فَإِن سنح لَهُ الرَّجَاء أذله الطمع، وَإِن هاج بِهِ الطمع أهلكه الحرس، وَإِن ملكه الْيَأْس قَتله الأسف، وَإِن هاج بِهِ الْغَضَب استبد بِهِ الغيظ، وَإِن أسعده الرِّضَا نسى التحفظ، وَإِن ناله الْخَوْف شغله الْحزن، وَإِن استع لَهُ الْأَمْن استلبته الْغرَّة، وَإِن عَادَتْ لَهُ نعمةٌ أَخَذته الْعِزَّة، وَإِن امتحن بمصيبةٍ فضحه الْجزع، وَإِن أَفَادَ مَا لَا أطغاه الْغنى، وَإِن عضته فاقةٌ أضرعه الْبلَاء، وَإِن أجهده الْجزع أقعده الضعْف، وَإِن أفرط فِي الشِّبَع كظته البطنة؛ فَكل تقصيرٍ، وكل إفراطٍ لَهُ مُفسد. وَقَالَ ﵇: يَأْتِي على النَّاس زمانٌ لَا يقرب فِيهِ إِلَّا الماحل، وَلَا يظرف فِيهِ إِلَّا الْفَاجِر، وَلَا يعف فِيهِ إِلَّا الْمنصف. يتخذون الْفَيْء مغنمًا، وَالصَّدََقَة مغرمًا، وصلَة الرَّحِم منا، وَالْعِبَادَة استطالةً على النَّاس؛ فَعِنْدَ ذَلِك يكون سُلْطَان النساءئئن ومشاورة الْإِمَاء، وإمارة الصّبيان. وَقَالَ: عَلَيْكُم بأوساط الأمورن فَإِنَّهُ إِلَيْهَا يرجع الغالي، وَبهَا يلْحق التَّالِي. وخطب فَقَالَ: اتَّقوا الله الَّذِي إِن قُلْتُمْ سمع، وَإِن أضمرتم علم، واحذروا الْمَوْت الَّذِي إِن أقمتم أخذكم، وَإِن هربتم أدرككم. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: وَالله لكأن هَذَا الْكَلَام ينزل من السَّمَاء. وَقَالَ لَهُ رجل: عظني، فَقَالَ: لَا تكن مِمَّن يَرْجُو الْجنَّة من غير عملٍ، وَيُؤَخر التَّوْبَة لطول الأمل، وَيَقُول فِي الدُّنْيَا بقول الزاهدين، وَيعْمل فِيهَا بِعَمَل الراغبين، إِن أعْطى مِنْهَا لم يشْبع، وَإِن منع مِنْهَا لم يقنع. يعجز عَن شكر مَا أُوتى، ويبتغي الزِّيَادَة على مَا أولى وَلَا يَنْتَهِي. يَقُول: لَا أعمل فأتعنى؛ بل أَجْلِس فأتمنى؛ فَهُوَ يتَمَنَّى الْمَغْفِرَة، ويدب للمعصية. وَقد عمر مَا يتَذَكَّر فِيهِ من تذكر. وَإِلَى الله الْمصير.

1 / 188