Nathr al-Wurud Sharh Ha'iyyat Ibn Abi Dawud
نثر الورود شرح حائية ابن أبي داود
ناشر
مركز النخب العلمية
شماره نسخه
الرابعة
سال انتشار
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
ژانرها
٢) مذهب طوائف من الصوفية: الذين قالوا: «إن الله يرى في الدنيا والآخرة» فهذا فيه حق وفيه باطل، والحق إثبات الرؤية في الآخرة والباطل إثباتها في الدنيا، كما قال تعالى عن موسى: ﴿قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي﴾ [الأعراف: ١٤٣]، قوله: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾ لن هنا ليست للتأبيد، فالله لا يُرى في الدنيا لكن يُرى في الآخرة، فالمقصود لن تراني في الدنيا.
٣) مذهب أهل السنة: وهو إثبات الرؤية في الآخرة دون الدنيا، وهذا هو الحق الذي دلت عليه النصوص.
لكن قد يقول قائل: كيف يطيق المؤمن رؤية الله في الآخرة مع أن الله تعالى ذكر عن موسى أنه لم يطق ذلك، قال تعالى: ﴿وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾ [الأعراف: ١٤٣]؟
والجواب: أن الله تعالى يمنحهم - وهو القوي القادر - قوة يستطيعون بها الرؤية والثبات في هذا الموقف، لكنها مجرد رؤية وليست إدراكًا؛ لقوله تعالى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣] فهم يرونه في الآخرة لكن لا يدركونه.
فقوله تعالى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ يدل على كمال عظمته، وأنه أكبر من كل شيء، وأنه لكمال عظمته لا يدرك بحيث يحاط به فإن الإدراك هو الإحاطة بالشيء، وهو قدر زائد على الرؤية، كما قال تعالى: ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء: ٦١، ٦٢].
فلم ينف موسى الرؤية، وإنما نفى الإدراك، فالرؤية والإدراك كل منهما يوجد مع الآخر وبدونه فالرب تعالى يرى ولا يدرك كما يعلم ولا يحاط به علمًا (١).
_________
(١) ينظر: شرح العقيدة الطحاوية (١/ ٢١٥).
1 / 39