141

وكان خالد قد أمر بحبس تلك السراة الاسرى من قوم مالك، فحبسوا والبرد شديد فنادى مناديه في ليلة مظلمة أن أدفئوا أسراكم وهي في لغة كنانة كناية عن القتل فقتلوهم بأجمعهم. وكان قد عهد إلى الجلادين من جنده، أن يقتلوهم عند سماعهم هذا النداء، وتلك حيلة منه توصل بها إلى أن لا يكون مسئوولا عن هذه الجناية، لكنها لم تخف على أبي قتادة وأمثاله من أهل البصائر وانما خفيت على رعاع الناس وسوادهم بقوة الساسة والسياسة. هذه هي الحقيقة الواقعة بين خالد ومالك وقومه يلمسها من ممحصي الحقائق كل من أمعن فيما سجلته كتب السير والاخبار عن يوم البطاح وسائر ما إليه. فلا يصدنك عنها ما تجده هناك من أقوال أخر متناقضة كل التناقض نسجتها الاغراض الشخصية والتزلف إلى ولي الامر يومئذ والقائد العام لجيوشه تصحيحا لاعمالهم (174). وقد أعطينا الامعان فيها حقه، فلم نر منها الا الدلالة على تضييع الحقيقة اخلاصا في الحب لخالد والدفاع عنه والله على ما يقول وكيل. [ثورة أبى قتادة وعمر بن الخطاب] قال الاستاذ هيكل في كتابه " الصديق أبو بكر (1) ": ان أبا قتادة الانصاري

---

(174) وأكثر هذه الروايات ان لم يك كلها قد أختلقها (سيف بن عمر) الزنديق المعروف بالكذب والوضع. راجع ترجمته في كتاب: عبدالله بن سبأ للعسكري ج 1 / 61 - 64، خمسون ومائة صحابي مختلق ج 1 وج 2. (1) ص 147 والتى بعدها (منه قدس).

--- [124]

صفحه ۱۲۳