مسیحیت و آداب آن در بین عربهای جاهلی
النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية
ژانرها
ومماّ ألمعوا إليه ذكر قيامه المسيح يوم الفصح وابتهاج النصارى فيه بعد الصوم الأربعيني (راجع الصفحة ٢١٦) كما قال الأعشى في هوذة بن علي لما فك أسارى تميم:
ففكَّ عن مئة منهم إسارهم ... وأصبحوا كلهم من غله خلعا
بهم تقرَّب يوم الفصح ضاحية ... يرجو الإله بما أسدى وما صنعا
وآخر ما رووا من أعمال المسيح صعوده إلى السماء وهو عيد السلالق (راجع ص٢١٧) وقد دعا ذلك برفع عيسى (سورة آل عمان) حيث قال: (قَالَ اللهُ يَعِيسَىَ إِنّي مُتَوَفّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيّ) .
ويضيفون إلى ذلك أن السيد المسيح هو الذي يدين البشر في آخر العالم بعد انتصاره على المسيح الدجال كقول القائل: "إذا المسيح يقتل المسيحا" (لسان العرب ٣: ٤٣٠) وكما قال أمية بن أبي الصلت (راجع الصفحة ١٧٨):
أيام يلقى نصاراهم مسيحهم ... والكائنين له ودًا وقربانا
وهذا بلا شك من قول السيد المسيح في إنجيل يوحنا (٥: ٢٢): "أنَّ الآب لا يدين أحدًا بل أعطى الحكم كله للابن ليكرم الابن جميع الناس" أو من قوله في إنجيل متى (١٦: ٢٧): "إن ابن البشر مزمع أن يأتي في مجد أبيه مع ملائكته ليجازي كل أحد بحسب أعماله".
وكما وقف العرب في الجاهلية على كثير من أخبار السيد المسيح المدونة في أسفار العهد الجديد اطلَّعوا أيضًا على بعض الأحداث لتي جرت للنصارى في الفترة التي كانت بين السيد المسيح وظهور الإسلام، ومن ذلك بعثة رسل المسيح إلى أقطار العالم ليدعوا الأمم إلى دينه مما روى ذلك أقدم كتبه العرب كالطبري في تاريخه (ج١ ص٧٣٧ ٧٣٩) وان طاهر المقدسي في كتاب البدء والتاريخ (ج٣ ص١٢٧) ويقول مفسروا القرآن أن ما ورد في سورة يس عن مرسلين أرسلا إلى قرية ليدعوا أهلها إلى نفي عبادة الأصنام والإيمان بالله إنما يشير إلا حواريين وهما شمعون الصفا هامة الرسل وبولس الرسول قدما إلى أنطاكية ليردا أهليها قبل دعوتهم رجلًا يدعونه حبيبًا النجار قتل شهيدًا عن إيمانه وعاقب الله قاتليه (اطلب تاريخ الطبري ج١ ص٨٩ ٧٩٣) .
ومما رووه من أخبار النصارى نقلًا عن كتبهم قصة شهداء أفسس السبعة الذين أراد الملك دقيوس في أواسط القرن الثالث للمسيح أن يضطرهم على عبادة الأصنام فهبروا من وجه الحكام واختفوا في مغارة حيث قيل أن اله ضرب على آذانهم فناموا ولم يستيقظوا إلا بعد سنين طويلة مرت عليهم كليلة فبعثهم الله ليكونوا آية لقيامة الموتى، فهذه القصة شاعت في عدة بلاد وروتها مجاميع أخبار القديسين تحت اسم "السبعة النوام" (les sept Dormants) بلغت عرب الجاهلية فدعوهم هم أصحاب الكهف إشارة إلى الكهف الذي رقدوا فيه، وذد ذكرهم أمية بن أبي الصلت في أبيات لم يعرف منها غير بيت استشهد به البيضاوي في تفسير القرآن (طبعة ليدن ص٥٥٥):
وليس بها إلاَّ الرقيم مجاورا ... وصيدهم والقوم في الكهف هجَّدُ
وكذلك وردت أخبارهم في القرآن في وسرة الكهف، وقد اتسع كتبة العرب في تفاصيلها كما نقلناها في كتابنا مجاني الأدب (٢: ٢٣٦) ملخة عن الدميري وتجدها أيضًا مفصلة في تاريخ الطبري (ج١: ٧٧٥ ٧٨٢) .
وقد عرف العرب في الجاهلية شهيدًا آخر للنصرانية وهو القديس جرجس المستشهد في عهد ديوقلسيانوس في أوائل القرن الرابع للمسيح نحو السنة ٣٠٢ وهم يدعونه بالخضر جعلوه من الأنبياء وزعم الطبري (ج٧ ص٧٩٥) "وأنه أدرك بقايا من حواريي عيسى ابن مريم" ورووا في استشهاده العجائب الغرائب (١. وقد وجدوا بين الكنائس المشيدة لإكرامه كنيسة ترقى إلى القرن الرابع للمسيح في جهات العرب وهي أقدم الكنائس على اسم ذاك الشهيد العظيم بنت سنة ٣٦٧ في مدينة شقة من أعمال حوران.
وقد سبق لنا (طلب الجزء الأول ص١٠٣ ١٠٤) أن عرب الجاهلية عرفوا أيضًا القديسين الشهيدين سرجيوس وباخوس وأن أقدم أثر كتب بالعربية إنما لتذكارهما، وقد رسمنا هناك صورة ذاك الأثر الراقي إلى سنة ٥١٢ للمسيح وروينا ما أثبته أحد مشاهير السريان عن تعبد لعرب في الجاهلية للقديس سرجيوس كما أننا ذكرنا أقول الشعراء في خروجهم إلى الحرب تحت راية ذاك الشهيد (ص٩٩ ١٠٠) .
1 / 126