وقالت (الجماعة): هي منسوخة بقوله: ﴿فاقتلوا المشركين حيث
وجدتموهم﴾ وقال "قتادة" مثله. قال القاضي ابن العربي ﵁: والصحيح انها (محكمه)
لأن العلماء بين قائلين: أحدهما أنها عامة موقوفة، وهم القائلون بالوقف في العموميات، فما دل الدليل
عليه من ذلك قلنا به. والثاني: أن العموم صحيح فتكون مخصوصه في الكفار والمجاهر بالمعاصي، وتغيير المنكر مع الخوف ودفع الإنسان عن نفسه بالقول الحسن فيما يحذر ممن يحذر. وفي الصحيح قال النبي ﷺ: (اتقو النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوافبكلمة طيبة) وعلى نحو ما قدمناه جاء قوله تعالى: ﴿فقولا له قولا لينا لعلهيتذكر أو يخشى﴾.
الآية الرابعة: قوله عزوجل: ﴿يا أيها الذين آمنوا لاتقولوا راعناوقولا انظرنا واسمعوا﴾. كان المسلون يقولون للنبي ﷺ. راعنا استدعاءالرعاية لهم، فاتخذها الكافرون دخلا فكانوا يقولون للنبي ﷺ راعنا، منادى فاعلامن الرعونة، كما تقول: يارجلا، ثم تحذف حرف النداء فتقول: رجلا. فلما اطلعالله تعالى على سهرهم نهى المسلمين عن ذكر هذا حتى يقطع بذلك تذرع الكفار إلى سب رسول الله ﷺ، فجعل قوم هذا نسخا لأنه نهى بعد إباحة. ولكن لم تكنالإباحة بنص. وإنما كانت داخلة في عموم التعزيز والتوقير، فلما توصل بها الكفار إلى
إذاية النبي ﷺ نهى عنها، فكانت تخصيصا من عموم التعزيز والتوقير
2 / 43