وفي تبيينه البيان، وتكريره في القرآن، وما هو في ذلك من المن والاحسان، والحجة لله والبرهان، ما يقول سبحانه لرسوله، صلى الله عليه وآله: { ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم } [الحجر: 87]. وفي ذلك ما يقول سبحانه: { الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله، ذلك هدى الله يهدي به من يشاء، ومن يضلل الله فما له من هاد } [الزمر: 23]، فكفى بما ذكرنا في هذا كله على ما في التكرير والتثنية والترديد من الهدى والرشاد . فبالله نستعين على شكره، في ترديده وتثنيته لبيانه، وما من به علينا في ذلك من إحسانه، فلولا رحمته لخلقه، وحكمته في تبيين حقه، لما ذكر فيه ولا ردد، ولا وكد في تبيينه بما وكد، ولاكتفى فيه بقليل القول من كثيره، وبجملة التنزيل من تنويره، ولكنه أبى سبحانه لرحمته، ولما أراد من آياته وحكمته، إلا ترديده وتكريره، وإبانته بذلك وتنويره، فنور منه برحمته أنور النور، وأوضح أمره فيه بأوضح الأمور.
فتعلموه - يا بني - وعلموه، وفقكم الله لرشد ما وهبكم الله ومن به عليكم من أهل أو ولد ومن رأيتموه، وإن كان في النسب قاصيا بعيدا، ولله مريدا، فإن في تعليمه وعلمه، ودرك فهمه وحكمه، النجاة المنجية والفوز، وهو فكنز الله المكنوز، الذي كنزه وأخفاه، لمن رضيه واصطفاه، وطواه فواراه، عمن هجره وجفاه، فلن يفهمه عن الله إلا مجد في علمه مجتهد، ولن يصيب علمه إلا طالب له مسترشد.
صفحه ۴۶