النشر در قرائت دهگانه

ابن جزری d. 833 AH
41

النشر در قرائت دهگانه

النشر في القراءات العشر

پژوهشگر

علي محمد الضباع (المتوفى ١٣٨٠ هـ)

ناشر

المطبعة التجارية الكبرى [تصوير دار الكتاب العلمية]

ژانرها

علوم قرآن
إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ﵁ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُنْكِرْ حَرْفًا وَلَا غَيَّرَهُ، مَعَ أَنَّهُ هُوَ الرَّاوِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَقْرَءُوا الْقُرْآنَ كَمَا عُلِّمْتُمْ، وَهُوَ الْقَائِلُ: لَوْ وَلِيتُ مِنَ الْمَصَاحِفِ مَا وَلِيَ عُثْمَانُ لَفَعَلْتُ كَمَا فَعَلَ. وَالْقِرَاءَاتُ الَّتِي تَوَاتَرَتْ عِنْدَنَا عَنْ عُثْمَانَ وَعَنْهُ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيٍّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ ﵃ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ فِيهَا إِلَّا الْخِلَافُ الْيَسِيرُ الْمَحْفُوظُ بَيْنَ الْقُرَّاءِ، ثُمَّ إِنَّ الصَّحَابَةَ ﵃ لَمَّا كَتَبُوا تِلْكَ الْمَصَاحِفَ جَرَّدُوهَا مِنَ النُّقَطِ وَالشَّكْلِ لِيَحْتَمِلَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْعَرْضَةِ الْأَخِيرَةِ مِمَّا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَإِنَّمَا أَخْلَوُا الْمَصَاحِفَ مِنَ النُّقَطِ وَالشَّكْلِ لِتَكُونَ دِلَالَةُ الْخَطِّ الْوَاحِدِ عَلَى كِلَا اللَّفْظَيْنِ الْمَنْقُولَيْنِ الْمَسْمُوعَيْنِ الْمَتْلُوَّيْنِ شَبِيهَةً بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ عَلَى كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ الْمَعْقُولَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - تَلَقَّوْا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِتَبْلِيغِهِ إِلَيْهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ جَمِيعًا، وَلَمْ يَكُونُوا لِيُسْقِطُوا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ الثَّابِتِ عَنْهُ ﷺ وَلَا يَمْنَعُوا مِنَ الْقِرَاءَةِ بِهِ. (وَأَمَّا) هَلِ الْقِرَاءَاتُ الَّتِي يُقْرَأُ بِهَا الْيَوْمَ فِي الْأَمْصَارِ جَمِيعُ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ أَمْ بَعْضُهَا، فَإِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تُبْتَنَى عَلَى الْفَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ، فَإِنَّ مَنْ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْأُمَّةِ تَرْكُ شَيْءٍ مِنَ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ يَدَّعِي أَنَّهَا مُسْتَمِرَّةُ النَّقْلِ بِالتَّوَاتُرِ إِلَى الْيَوْمِ، وَإِلَّا تَكُونُ الْأُمَّةُ جَمِيعُهَا عُصَاةً مُخْطِئِينَ فِي تَرْكِ مَا تَرَكُوا مِنْهُ، كَيْفَ وَهُمَ مَعْصُومُونَ مِنْ ذَلِكَ؟ ! وَأَنْتَ تَرَى مَا فِي هَذَا الْقَوْلِ، فَإِنَّ الْقِرَاءَاتِ الْمَشْهُورَةَ الْيَوْمَ عَنِ السَّبْعَةِ وَالْعَشَرَةِ وَالثَّلَاثَةَ عَشْرَةَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا كَانَ مَشْهُورًا فِي الْأَعْصَارِ الْأُوَلِ، قِلٌّ مَنْ كُثْرٍ وَنَزْرٌ مِنْ بَحْرٍ، فَإِنَّ مِنْ لَهُ اطِّلَاعٌ عَلَى ذَلِكَ يَعْرِفُ عِلْمَهُ الْعِلْمَ الْيَقِينَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقُرَّاءَ الَّذِينَ أَخَذُوا عَنْ أُولَئِكَ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ السَّبْعَةِ وَغَيْرِهِمْ كَانُوا أُمَمًا لَا تُحْصَى، وَطَوَائِفَ لَا تُسْتَقْصَى، وَالَّذِينَ أَخَذُوا عَنْهُمْ أَيْضًا أَكْثَرُ وَهَلُمَّ جَرَّا، فَلَمَّا كَانَتِ الْمِائَةُ الثَّالِثَةُ وَاتَّسَعَ الْخَرْقُ وَقَلَّ الضَّبْطُ وَكَانَ عِلْمُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَوْفَرَ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ الْعَصْرِ تَصَدَّى بَعْضُ الْأَئِمَّةِ لِضَبْطِ مَا رَوَاهُ مِنَ الْقِرَاءَاتِ فَكَانَ أَوَّلَ إِمَامٍ مُعْتَبَرٍ جَمَعَ

1 / 33