النشر در قرائت دهگانه
النشر في القراءات العشر
ویرایشگر
علي محمد الضباع (المتوفى ١٣٨٠ هـ)
ناشر
المطبعة التجارية الكبرى [تصوير دار الكتاب العلمية]
ژانرها
علوم قرآن
مَعَ تَرْكِهِمْ جَمَاعَاتٍ مِنْ ذَوِي الْأَصْوَاتِ الْحِسَانِ، عَارِفِينَ بِالْمَقَامَاتِ وَالْأَلْحَانِ لِخُرُوجِهِمْ عَنِ التَّجْوِيدِ وَالْإِتْقَانِ، وَأَخْبَرَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِي وَغَيْرِهِمْ أَخْبَارًا بَلَغَتِ التَّوَاتُرَ عَنْ شَيْخِهِمُ الْإِمَامِ تَقِيِّ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّائِغِ الْمِصْرِيِّ ﵀، وَكَانَ أُسْتَاذًا فِي التَّجْوِيدِ أَنَّهُ قَرَأَ يَوْمًا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ وَكَرَّرَ هَذِهِ الْآيَةَ فَنَزَلَ طَائِرٌ عَلَى رَأْسِ الشَّيْخِ يَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ حَتَّى أَكْمَلَهَا فَنَظَرُوا إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ هُدْهُدٌ، وَبَلَغَنَا عَنِ الْأُسْتَاذِ الْإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيِّ الْمَعْرُوفِ بِسِبْطِ الْخَيَّاطِ مُؤَلِّفِ الْمُبْهِجِ وَغَيْرِهِ فِي الْقِرَاءَاتِ ﵀ أَنَّهُ كَانَ قَدْ أُعْطِيَ مِنْ ذَلِكَ حَظًّا عَظِيمًا، وَأَنَّهُ أَسْلَمَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ سَمَاعِ قِرَاءَتِهِ، وَآخِرُ مَنْ عَلِمْنَاهُ بَلَغَ النِّهَايَةَ فِي ذَلِكَ الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بُصْخَانَ شَيْخُ الشَّامِ، وَالشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحِكْرِيُّ شَيْخُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ -، وَأَمَّا الْيَوْمُ فَهَذَا بَابٌ أُغْلِقَ، وَطَرِيقٌ سُدَّ، نَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ قُصُورِ الْهِمَمِ وَنَفَاقِ سُوقِ الْجَهْلِ فِي الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، وَلَا أَعْلَمُ سَبَبًا لِبُلُوغِ نِهَايَةِ الْإِتْقَانِ وَالتَّجْوِيدِ، وَوُصُولِ غَايَةِ التَّصْحِيحِ وَالتَّشْدِيدِ، مِثْلَ رِيَاضَةِ الْأَلْسُنِ، وَالتَّكْرَارِ عَلَى اللَّفْظِ الْمُتَلَقَّى مِنْ فَمِ الْمُحْسِنِ، وَأَنْتَ تَرَى تَجْوِيدَ حُرُوفِ الْكِتَابَةِ كَيْفَ يَبْلُغُ الْكَاتِبُ بِالرِّيَاضَةِ وَتَوْقِيفِ الْأُسْتَاذِ، وَلِلَّهِ دَرُّ الْحَافِظِ أَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ ﵀ حَيْثُ يَقُولُ: لَيْسَ بَيْنَ التَّجْوِيدِ وَتَرْكِهِ إِلَّا رِيَاضَةٌ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ بِفَكِّهِ، فَلَقَدْ صَدَقَ وَبَصَّرَ، وَأَوْجَزَ فِي الْقَوْلِ وَمَا قَصَّرَ. فَلَيْسَ التَّجْوِيدُ بِتَمْضِيغِ اللِّسَانِ، وَلَا بِتَقْعِيرِ الْفَمِ، وَلَا بِتَعْوِيجِ الْفَكِّ، وَلَا بِتَرْعِيدِ الصَّوْتِ، وَلَا بِتَمْطِيطِ الشَّدِّ، وَلَا بِتَقْطِيعِ الْمَدِّ، وَلَا بِتَطْنِينِ الْغُنَّاتِ، وَلَا بِحَصْرَمَةِ الرَّاءَاتِ، قِرَاءَةٌ تَنْفِرُ عَنْهَا الطِّبَاعُ، وَتَمُجُّهَا الْقُلُوبُ وَالْأَسْمَاعُ، بَلِ الْقِرَاءَةُ السَّهْلَةُ الْعَذْبَةُ الْحُلْوَةُ اللَّطِيفَةُ، الَّتِي لَا مَضْغَ فِيهَا وَلَا لَوْكَ، وَلَا تَعَسُّفَ وَلَا تَكَلُّفَ، وَلَا تَصَنُّعَ وَلَا تَنَطُّعَ، لَا تَخْرُجُ عَنْ طِبَاعِ الْعَرَبِ وَكَلَامِ الْفُصَحَاءِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْقِرَاءَاتِ وَالْأَدَاءِ، وَهَا نَحْنُ نُشِيرُ إِلَى جُمَلٍ مِنْ ذَلِكَ بِحَسْبِ التَّفْصِيلِ، وَنُقَدِّمُ الْأَهَمَّ فَالْأَهَمَّ فَنَقُولُ:
1 / 213