الشافعي (37) فيها ، فصحبته وانتفعت به ، وكان يجلني ويشير إلي ويعظمني ويقدمني على سائر الطلبة ، ويؤثرني ، وأحسن إلى كثيرا جزاه الله عني خيرا.
ولما ألفت كتابي هذا بغية المستفيد في أخبار مدينة زبيد وقف عليه مولانا السلطان الملك الظافر عامر بن عبد الوهاب بن داوود طاهر ، جدد الله سعوده ، ونصر جنده ، طلبني إلى مجلسه الشريف العالي المنيف واستجاده واستحسنه.
ثم اختصرت منه كتابي المسمى العقد الباهر في تاريخ دولة جديه بني طاهر ووالده ، ومآثرهم الحميدة ، ودولتهم المباركة الميمونة السعيدة ، فلما وقف عليه مولانا السلطان أضاف علي مواهب الجود والإحسان ، وأجازني من مواهبه الهنية بجائزة ميمونة سنية.
ثم حصل هذا التاريخ تحصيلا عظيما ، وتقدمت به إلى مولانا السلطان ، وهو إذ ذاك بمحروسته المقرانة مقيما ، وقدمت إليه فأثابني بثواب عليه ، وأفاض علي من مواهبه وكرمه ما يقصر صوب الغمام عن غزير ديمه ، ولم أزل عنده في روض أريض ، وجود فياض عريض ، حتى أذن لي في الرجوع إلى وطني ، وخلع علي خلعة نفيسة ، وأكرمني وتصدق علي بيتا منه سلطانية بمدينة زبيد للسكنى ، وأعطاني قطعة نخل بوادي زبيد ، وصيرني لإحسانه قنا ، وتلافاني بعد الضعف وتدارك ، وجعل لي قراءة الحديث بجامع زبيد على المنبر المبارك ، فرجعت مسرورا إلى الوطن في نعمة وافرة ، وحال حسن شاكرا لجوده وإحسانه ، معترفا بفضله وامتنانه ، سائلا الله تعالى أن يجمع الخلق على طاعته ، وأن يمد في أيام دولته ، وأن يعز بمتابعته كل صبار شكور ، ويذل بمخالفته كل ختال كفور ، ويجمع له بين نصره العزيز وفتحه المبين ، ويجعل كلمة الحق باقية فيه وفي عقبه إلى يوم الدين ، آمين :
آمين آمين لا أرضى بواحدة
حتى أضيف إليها ألف آمينا
صفحه ۲۸