والأصل في المنافع كأكل فاكهة لمجرد التشهي والتفكه الإذن ندبًا أو وجوبًا على قدر مصلحته لقوله تعالى في معرض الامتنان «خلق ما في الأرض جميعا» ولا يمتن إلا بجائز فيه نفع.
قولنا قبل عروض .. الخ، كالأموال والدماء والأعراض الأصل فيها التحريم وقد يعرض لها ما يجوزها مع أن هذه ورد فيها نص وهو قوله ﷺ: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام» .. الحديث، والكلام فيما لا نص فيه.
وذهب أبو الفرج المالكي وكثير من الشافعية إلى الحكم بالإباحة قبل وجود الشرع، والأبهري إلى المنع مستدلًا بقوله تعالى «وما ءاتاكم الرسول فخذوه» أي وما لا فلا. قال حلولوا في أكل التراب بعد ما ذكر أنه يضر: لكن يتردد النظر في مفسدته هل تنتهي إلى رتبة التحريم أو لا؟ وسكت القول المفصل عن الشيء إذا لم تكن فيه مصلحة ولا مفسدة ولعله لعدم وجوده.
ذو فترة بالفرع لا يراع ... وفي الأصول بينهم نزاع
راع كروع أفزع متعد، ولازم يعني: أن أهل الفترة لا يروعون أي يعذبون بسبب تركهم للفرع كالصلاة مثلًا لعدم تكليفهم بها. وهم من كان بين رسولين لم يرسل الأول لهم، ولا أدركوا الثاني. قاله في الآيات البينات، ثم قال: فلا خلاف بينهم أنها لا تثبت إلا في حق من أرسل إليهم، نعم من اتفق عليه الملل من الفروع هل هو كالإيمان حتى يجري فيه هذا النزاع؟ فيه نظر اهـ. والمتفق عليه نظمه الجزائري بقوله:
قد أجمع الانبيا والرسل قاطبة ... على الديانة بالتوحيد في الملل
وحفظ مال ونفس معهما نسب ... وحفظ عقل وعرض غير مبتذل
واختلف في تعذيبهم بترك الأصول من الإيمان والتوحيد. ومثلهم من لم يسمع قط بدين ولا دعوة نبي ولا عرف أن في العالم من يثبت الاها.
1 / 27