الصلاحية والتهيؤ لذلك بأن يكون له ملكة يقتدر بها على إدراك جزئيات الأحكام. وقد اشتهر عرفًا إطلاق العلم على هذه الملكة.
فالكل من أهل المناحي الأربعة ... يقول لا أدري فكن متبعه
يعني: أنه إذا كان المراد التهيؤ والصلاحية لا يقدح في أيمة المناحي الأربعة أي المذاهب قولهم لا أدري فأتبع ذلك القول فإنه يدل على الورع. ولله در القائل:
ومن كان يهوى أن يرى متصدرا ... ويكره لا أدري أصيب مقاتله
فقد سئل ملك ﵀ عن أربعين مسألة، فقال في ست وثلاثين منها لا أدري. هذا ما اشتهر في كتب الأصول والذي رواه ابن عبد البر في مقدمة التمهيد على الموطأ أنه سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنين وثلاثين منها لا أدري. وقال أبو حنيفة في ثمان مسائل لا أدري ما الدهر، ومحل أطفال المسلمين، ووقت الختان، وإذا بال الخنثى من الفرجين، والملائكة أفضل أم الإنسان، ومتى يصير الكلب معلمًا وسؤر الحمار ومتى يطيب لحم الجلالة. وكان أحمد يكثر من لا أدري. وسئل الشافعي عن المتعة أفيها طلاق أم ميراث أو نفقة تجب؟ فقال: والله ما أدري. وروى عن النبي ﷺ وجبريل. فسبحان من أحاط بكل شيء علما.
كلام ربي أن تعلق بما ... يصح فعلا للمكلف أعلما
فذاك بالحكم لديهم يعرف
لما ذكر الحكم في تعريف الفقه شرع في تعريفه فتكون ال للعهد الذكرى والصواب تغايرهما لأن المذكور هنا الحكم المتعارف عند الأصوليين وهو خطاب التكليف وهو خطاب الله تعالى والحكم المذكور في تعريف الفقه ليس خطاب الله تعالى بدليل تقييده بالشرع وما هنا لا يكون إلا شرعيًا، وإنما ذكر هنا لكونه من المقدمات التي يتوقف عليها المقصود إذ الأصولي تارة يثبت الحكم وتارة ينفيه، والحكم على الشيء
1 / 22