وإنما لم يلاحظ هذا الملحظ الأولون (١):
أولًا: لقوة العلم وتمكنهم منه.
وثانيًا: لعلمهم بما عند أهله من قوة الدين المانعة من دخول المرء فيما لم يصل إليه، ولا كذلك أهل العصر الأخير؛ "بدأ الإِسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ" (٢).
* * *
(الشاهد الثاني)
ومن الشواهد لما ذكرناه أيضًا:
أن الحريق الواقع بالمدينة النبوية ليلة الجمعة أول شهر رمضان سنة ستمائة وأربع وخمسين (٣)، وعمل في الحجرة المحيطة بالقبور الشريفة الثلاثة، وتساقطت الأبنية عليها وأخذ الحريق جميع سقف المسجد النبوي، وبقيت الدعائم تتمايل عند هبوب الرياح، وذهب رصاص بعض الأساطين فسقطت، وكان إذ ذلك بالمدينة من العلماء الصالحين والأتقياء والفالحين ما يومئ إليه "تاريخ ابن فرحون" (٤)، إذ ذكر خلفهم من بقايا أهل ذلك القرن وأهل القرن الثامن.