نقض کتاب اسلام و اصول حکم

محمد خضر حسین d. 1377 AH
40

نقض کتاب اسلام و اصول حکم

نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم

ژانرها

قال المؤلف في ص23: «ذلك وقد توفرت عندهم الدواعي التي تدفعهم إلى البحث الدقيق في علوم السياسة ، وتظاهرت لديهم الأسباب التي تعدهم للتعمق فيها. وأقل تلك الأسباب أنهم مع ذكائهم الفطري، ونشاطهم العلمي كانوا مولعين بما عند اليونان من فلسفة وعلم. وقد كانت كتب اليونان التي انكبوا على ترجمتها ودرسها كافية في أن تغريهم بعلم السياسة وتحببه إليهم.»

قام المؤلف ليذكر لنا سببا شأنه أن يغري المسلمين بالسياسة ويجعلهم مولعين بالخوض في غمارها، والتفت يمينا وشمالا فوقع اختياره على انكبابهم على ترجمة كتب الفلسفة والعلوم اليونانية ودراستها، ولم يهتد إلى أن لدى المسلمين سببين عظيمين يحثانهم على النظر في السياسة، ويؤكدان حرصهم على البراعة في صناعتها:

أحدهما:

أنهم كانوا أمة فاتحة بلغت في عزها وسطوتها أن قوضت عروش قوم جبارين، ومدت سلطانها العادل على شعوب مختلفة في طبائعها وعاداتها وطرق تفكيرها. والفاتح الغيور على استقلال بلاده أشد حاجة، وأسرع يدا إلى إتقان فن السياسة من مرتاح البال للبقاء تحت سلطة دولة أخرى.

ثانيهما:

أن الإسلام شرع للسياسة أصولا في أحسن مثال، وحارب الاستبداد باليمين والشمال، فأذاق أمته طعم الحكومة اللينة الحازمة، وشب في أحضانه رجال شهد بدهائهم السياسي أعداؤهم المنصفون.

هذان السببان ندبا المسلمين إلى النظر في مبادئ السياسة وأصول الحكم، فانتدبوا إليها، وكانوا أساتذة العالم في السياسة كما كانوا أساتذته في العلوم الفلسفية، فهما أحق بأن يخطرا على قلب المؤلف، ولكنه يكره أن يعترف بأن في تعاليم الإسلام مبادئ سياسية، أو أن حكومة من حكومات الإسلام أذاقت الناس طعم السياسة الرشيدة. •••

قال المؤلف في ص23: «وهناك سبب آخر: ذلك أن مقام الخلافة الإسلامية كان منذ الخليفة الأول أبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - إلى يومنا هذا عرضة للخارجين عليه المنكرين له، ولا يكاد التاريخ الإسلامي يعرف خليفة إلا عليه خارج.» ثم قال في ص24: «مثل هذه الحركة «حركة المعارضة» كان من شأنها أن تدفع القائمين بها إلى البحث في الحكم، وتحليل مصادره ومذاهبه، ودرس الحكومات وكل ما يتصل بها، ونقد الخلافة وما تقوم عليه إلى آخر ما تتكون منه علوم سياسية، لا جرم أن العرب قد كانوا أحق بهذا العلم وأولى من يواليه.»

لم يعارض طائفة من المسلمين الخلافة في نفسها، أو كونها ذات حكومة يرأسها فرد حتى تدعوهم المعارضة إلى درس الحكومات؛ ليختاروا منها الشكل الذي يروقهم، وإنما ينكر المعارضون شيئا من تصرف الخليفة ، أو يدعون أن غيره أحق بالإمارة وأقوم عليها. وهذا يقتضي البحث في طرق العدل وشروط الخليفة، وحكم الخروج عليه. وقد بحث أهل العلم في هذه المطالب بأوفى عبارة وأبسط بيان، حرروا الكلام في الأصول الفارقة بين عادل الأحكام وجائرها، وأفاضوا القول في شروط الأمراء وموجبات خلعهم، ومتى بحثوا في الحكم من حيث انطباقه على مبادئ العدالة أو انحرافه عنها، فإنهم لا يعرفون قانونا لعدالة الأحكام أو جورها غير موافقتها لأصول الشريعة أو نشوزها عنها. فمن هذا الوجه كان المعارضون يبحثون في الحكم، وينقدون سيرة الخلفاء مقتدين بقوله تعالى:

فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا .

صفحه نامشخص