نقض کتاب اسلام و اصول حکم
نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم
ژانرها
فإن لم ينص القرآن على حكم الخلافة؛ فإن في أيدينا من طرق تبيانه السنة والإجماع والقياس والقواعد التي لا يأتيها الريب من بين يديها ولا من خلفها. •••
قال المؤلف في ص16: «ولو وجدوا لهم في الحديث دليلا لقدموه في الاستدلال على الإجماع.»
لما انتقل مبحث الخلافة إلى علم الكلام ودارت المناظرة فيها مع طائفة ألقت عليها شيئا من صبغة العقائد، رأى أهل العلم أن هذه الطائفة لا يكف بأسها ويسد عليها طرق المشاغبة إلا الأدلة الحاسمة؛ ولهذا وقعت عنايتهم على الاحتجاج بالإجماع والقواعد النظرية الشرعية لكونهما من قبيل ما يفيد العلم.
ومن لم يستند من علماء الكلام في هذا المبحث إلى الحديث؛ فلأنه اكتفى بذينك الدليلين، أو لأن أخبار الآحاد في نفسها لا تتجاوز مراتب الظنون، ولا يكبر على ذوي الأهواء الغالبة أن ينسلخوا منها ويخترعوا منفذا للطعن في صحتها، أو صرفها عن وجه دلالتها. •••
قال المؤلف في ص18: «لا نريد أن نناقشهم في صحة الأحاديث التي يسوقونها في هذا الباب، وقد كان لنا في مناقشتهم في ذلك مجال فسيح.»
لا ندري ما هو الميزان الذي يرجع إليه المؤلف في قبول الحديث وعدم قبوله حتى ننظر كيف ينفتح أمامه مجال فسيح للطعن في حديث: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم.» وقد جاء في صحيحي البخاري ومسلم، وحديث: «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.» وحديث: «من بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه؛ فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر.» وكلا الحديثين في صحيح الإمام مسلم.
تفضل المؤلف بطرح المناقشة في صحة هذه الأحاديث، ونحن نعلم أنه لو دخل في المناقشة لا يخلو حاله من سبيلين: فإما أن يذهب إلى الطعن فيها من الطرق التي أحكم السلف وضعها، وميزوا بها صحيح الأخبار من سقيمها، ولا نمتري حينئذ في أنه سينقطع به القول دون أن يمسها بوهن أو يزحزحها عن مرتبتها فتيلا، وإما أن يأخذ للطعن فيها مذهبا يبتدعه لنفسه ، فلا نراه إلا أن يخلقه من طينة هذه الآراء المترددة في ريبها، الفاتنة للنفوس الزاكية عن أمر ربها. ولعل الواقع أنه رمى هذه الكلمة محافظة على خطة التشكيك متى حبط عمله في رواية: «أعطوا ما لقيصر لقيصر.» وما جرى على شاكلتها.
قال المؤلف في ص18: «ثم لا نناقشهم في المعنى الذي يريده الشارع من كلمات: إمامة، وبيعة، وجماعة إلخ، وقد كانت تحسن مناقشتهم في ذلك ليعرفوا أن تلك العبارات وأمثالها في لسان الشرع لا ترمي إلى شيء من المعاني التي استحدثوها بعد، ثم زعموا أن يحملوا عليها لغة الإسلام.»
من ذا يصدق أن المؤلف أبصر هؤلاء العلماء ارتكبوا في تفسير البيعة والإمام والجماعة خطة جهل وضلال، ويترك مناقشتهم في ذلك التفسير إلى التشبث بمغالطات يملك أمثالها من أحب أن يقول: إن هذا النهار ليل، أو إن باقلا أفصح من سحبان.
وماذا أعجل المؤلف عن أن يبين للناس خطأ أهل العلم في فهم البيعة والجماعة والإمام، وما باله لم ينفق ساعة من نهار في شرح ثلاثة مفردات أو أربعة ينكث بها الأيدي من التمسك بأحاديث يصعب عليه الطعن في صحتها، أو تحريفها عن وجه دلالتها؟
صفحه نامشخص