ناپلئون بناپارت در مصر
نابوليون بونابارت في مصر
ژانرها
فاضطر الأميرال إلى أن يصدر أمره بإنزال الجنود في الحال فبدأ في ذلك العمل على الرغم من هياج البحر وغرق بعض العساكر، قال بوريين في مذكراته:
كانت الساعة الثانية من صبيحة يوم 2 يوليو حين وضعنا أقدامنا في أرض مصر عند نقطة تبعد نحو ثلاثة فراسخ من الإسكندرية «جهة المكس»، وفي الساعة الثالثة بدأ بالزحف على الإسكندرية ثلاث آلايات تحت قيادة كليبر وبون ومورات تحت رياسة القائد العام.
وغريب مع هذا التدقيق في التاريخ، وكون روبيين كان كاتب يد نابوليون فهو شاهد عيان، أن يوجد بين المؤرخين من يقرر أن موعد نزول الجيوش الفرنسية كان في يوم 3 يوليو لا في 2 منه، كما يقول به «بربيه» في كتابه «تاريخ مصر من سنة 1798 إلى 1900»
2
هو من خيرة الكتاب المحققين، وصاحب التوفيقات الإلهامية، وهو ممن يعتمد على تدقيقهم في التاريخ، يقول أيضا: إن نزول الجنود الفرنسية في أرض مصر كان في يوم الثلاثاء 19 محرم، الموافق 3 يوليو، مع أنه قرر وصول العمارة إلى الإسكندرية يوم الأحد 17 محرم، فكأنه يرى أن الجنود لم تنزل في مساء ذلك اليوم، ولا يتفق هذا مع إسراع نابوليون وخوفه من نلسون، والجبرتي يقول: «وردت الأخبار بأنه في يوم الاثنين 18 محرم وردت مراكب وعمارات للفرنسيس، فأرسو في البحر.» وهو في هذا الخطأ التاريخي مخطئ ومعذور معا.
ونقطة الخلاف هي هل كان دخول نابوليون مدينة الإسكندرية يوم الاثنين «2 يوليو 18 محرم على رواية بوريين وهو شاهد عيان، وعليه أكثر اعتماد كتاب الإفرنج»، أو في يوم الثلاثاء «3 يوليو و19 محرم».
ومما جاء في مذكرات «بوريين» عند نزوله من السفينة أنه لما مد الأميرال يده لمساعدة نابوليون على النزول إلى القارب، رأى القارب قد ابتعد عن مكانه فصرخ قائلا: «إن حظي بدأ يخونني»! ولكنه بعد صعوبة ومخاطرة وضع قدمه في أرض مصر الساعة الأولى بعد منتصف الليل!
وتكون الجيش الزاحف على الإسكندرية في الساعة الثالثة من صباح يوم الأحد 2 يوليو «18 محرم سنة 1223» من ثلاث فرق فقط «منو» على الجناح الأيسر و«كليبر» في القلب، «وبون» في الجناح الأيمن، وكان نابوليون بونابرت القائد العام، يسير على قدميه؛ لأنه لم يكن قد أنزل من الخيول القادمة مع الحملة جوادا واحدا، ولم يكن ذلك بالشيء الكثير على قائد طبقت شهرته الخافقين، وهو لا يزال في التاسعة والعشرين من عمره يوم وطئت قدمه أرض مصر!
أما أهل الإسكندرية فقد أزعجهم ظهور الأسطول في النهار، ولكنهم لم يكونوا ينتظرون أن يداهمهم العدو ليلا؛ إذ المألوف عندهم أن الجيوش التي تنزل أرض مصر تأتي من جهة أبي قير، وأنه يلزمها عدة أيام لإفراغ شحن هذه السفن، وتنظيم قوة لمهاجمة المدينة، ولكنهم لم يعرفوا نابوليون وسر نجاحه، وهو الإقدام وعدم ضياع الوقت.
إلا أنه لما أنزلت الجنود الفرنسية في البر ليلا في تلك الليلة المقمرة أسرع بدوي على فرسه بالسير إلى الإسكندرية، وأبلغ الخبر للسيد محمد كريم ... ومن يدري كيف كان، وأين كان في تلك الساعة مع سراريه وأخدانه، على نحو ما ألف أهل ذلك الزمن، من الترف والنعيم واللهو، فأخذ معه نحو عشرين من المماليك الإنكشارية «على رواية الفرنسيين؛ إذ ليست لدينا رواية من مصادر أخرى» فالتقت هذه القوة الصغيرة عند مطلع الفجر بطليعة من الجيش الفرنسي فظنوها كل القوة القادمة، فهاجمها الإنكشارية وقتلوا ضابطها وقطعوا رأسه وعادوا بها ظافرين إلى شوارع الإسكندرية.
صفحه نامشخص