ناپلئون بناپارت در مصر
نابوليون بونابارت في مصر
ژانرها
ولم يكتف علي بك بهذا بل أعلن الحرب على الدولة العثمانية، وحاربها في اليمن والشام، حتى امتد نفوذه في جميع شواطئ البحر الأحمر وبحر القلزم وبسط رواق سلطته على الحجاز ومكة المشرفة، وعزل شريفها، وأقام مقامه ابن عمه الذي لقبه «بسلطان مصر وخاقات البحرين» وأمر بأن يخطب باسمه في المساجد وضرب النقود
3
باسمه في القاهرة.
وعقد له «روستي» المشار إليه، معاهدة سلمية مع الفينيسيين وعهد إلى رجل أرمني يدعى يعقوب، عقد معاهدة دفاعية هجومية مع الروسيا، ثم سير حملة إلى الشام تحت قيادة مملوكه محمد بك أبو الذهب فاتحد مع صديق مولاه الشيخ «ظاهر العمر» صاحب عكا، واستولى على غزة والرملة ونابلس وبيت القدس ويافا وصيدا وحاصر دمشق وافتتحها عنوة.
وليس غرضنا شرح تاريخ علي بك فإن الغرض من هذه المقدمة هو بيان ما كانت عليه أحوال مصر عند الحملة الفرنسية، وإنما أردنا، من ذكر قيام هذا المملوك بمناوأة الدولة العثمانية، إظهار أن سياسة الدولة في مصر كانت عقيمة، وأنها تركتها ألعوبة في أيدي أولئك المماليك الأفاقين، السفاكين للدماء، الطامعين في الاستزادة من الملك والسلطان، ويكفينا في هذا المقام أن نقول في بقية تاريخ علي بك «سلطان مصر وخاقان البحرين، كما كانوا يلقبونه» أن مملوكه محمد بك أبو الذهب - «الذي لقيه «فولني» الرحالة الفرنسي في غارته على سوريا ووصف جنوده المماليك وصفا بليغا في كتابه،
4
وكنا نود أن نأتي عليه لولا خوف الإطالة - أصغى لمساعي رجال الدولة العثمانية، وصادف ما قالوه له هوى في نفسه فانقلب على مولاه، وولي نعمته، وعاد بالجيش الذي افتتح به سوريا ليحارب سيده به، وبعد تقلبات يطول شرحها فر علي بك إلى الشام، ثم عاد منها معضدا بالدولة الروسية ولكنه فشل، وقبض عليه محمد بك أبو الذهب ثم مات مسموما بيده، وقد روى الجبرتي: أنه لما مات علي بك أنعم محمد بك أبو الذهب على مراد بك الذي سيكون له معنا في الحملة الفرنسية شأن كبير، بسريته «نفيسة المرادية» التي اشتهرت بالمكارم والهمة، وسيأتي معنا ذكرها في أيام الفرنسيس وفي زمان محمد علي باشا أيضا.
أما محمد بك أبو الذهب فإنه أعاد مصر تحت سلطة الباب العالي، وهذا يؤيد ما ذهب إليه المؤرخون من أن انقلابه على مولاه، كان بدسيسة من الدولة واستقر هو في وظيفة شيخ البلد؛ أي: الحاكم المطلق فعلا، وأخذ يعبث في البلاد ظلما، وجعل الضرائب ضعفين، وأثقل كاهل الأهالي بالمغارم والمظالم، والقتل والنهب والسلب، وكان من المحتمل أن لو أستتب قدم علي بك، ولم يغدر به مملوكه، أن يسير بالبلاد سيرة حسنة، ويوطد فيها دعامة ملك أثبت من نظام ذلك التنازع بين المماليك والدولة، ولكن مصر دائما مقضي عليها بمثل هذه الظروف السيئة. •••
مات محمد بك أبو الذهب بالحمى في الشام وقد ذهب إليها محاربا ومنتقما من الشيخ ظاهر العمر وترك وراءه بحارا من الدماء، وأشلاء من القتلى، وخرائب من السلب والنهب، فكان من مماليكه المقربين إليه إبراهيم بك، ومراد بك، اللذان كانا يحكمان الديار المصرية عند قدوم نابوليون بونابرت بحملته التي هي موضوع هذا الكتاب.
الحالة الإدارية والحالة الاقتصادية لمصر قبل الحملة الفرنسية
صفحه نامشخص