ناپلئون بناپارت در مصر
نابوليون بونابارت في مصر
ژانرها
ولا أختم هذا الفصل عن ثورة القاهرة دون أن أسجل على صفحات التاريخ بالعربية الحادثة التي نقلتها السيدة «جيهان ديفري» من بعض المذكرات عن مسيو مارسيل المستشرق، وشغفه العظيم بالآثار العربية، قالت:
وسمع الضباط الفرنسيون فجاءة صرخة مزعجة فأخذوا مجاهرهم، ووقفوا في البيت البعيد الذي كانوا يرقبون منه شبوب النار فشاهدوا شبحا ينسل بين المحاصرين وقد شد بيديه على كومة له قد سودها الدخان والبارود، وهي كأنها كرة هوائية منفوخة، أما الأهالي فلم يرونه لشدة ما أصابهم من البلايا وتولاهم من الذعر.
وقال أحد الضباط الفرنسيين: إنني أراهن بأن ذلك الشبح هو مارسيل. وكان هو بعينه؛ لأنه لم يكن أحد غيره يهتم بإنقاذ المخطوطات النفيسة والدفاع عنها - تلك المخطوطات التي كانت مودعة في الجامع ونجت من شرور الحرب.
وقد ذهب مارسيل لأنقاذها وهو بملابس النوم ملتفا بعباءة ومحتذيا بحذاء البيت، واندفع بين الثائرين وحمل ذلك الكنز إلى مركز القيادة العامة، وكان من حسن التوفيق أنه استطاع إنقاذ نسخة خطية من القرآن كتبت في القرن الثالث عشر «الميلادي» على رق وزينت صفحاته بنقوش بديعة ذات قيمة فنية.
هوامش
الفصل الثالث عشر
الدور الثالث (من أول نوفمبر سنة 1788 إلى آخر أغسطس سنة 1799)
من ثورة القاهرة إلى مغادرة نابوليون مصر
ندخل الآن في الدور الثالث من أحوال الحملة الفرنساوية في مصر، وهو الدور الذي أدرك فيه نابوليون بعد ثورة القاهرة أنه لا يزال غريبا عن المصريين وبعيدا عن قلوبهم، فاختار لنفسه السياسة التي يقضي بها ذلك التغير، وهي سياسة الشدة عليهم، والحذر منهم، وعدم الاكتراث بهم، ولذلك كان أول بادرة من أعماله إلغاء الديوان وعدم الاهتمام بالمشايخ، ثم إدارة الأحكام بواسطة رجاله وأعوانه.
إلا أن إعلان تركيا الحرب على فرنسا واستعدادها بالجيوش الجرارة برا وبحرا لمحاربته، وتحريضها المصريين والمسلمين عامة على مقاومة الفرنساويين، وتنغيص حياتهم في وادي النيل كل ذلك قضى عليه بالرجوع إلى خطة المداهنة والتودد إلى المصريين مع بقائه على حذر منهم، ولما كان هذا الدور طويل المدة وتخللته الحملة الفرنساوية على سوريا، وكان لتلك الحملة، وفشل الفرنساويين فيها، تأثير على سياستهم وخطتهم في هذا الدور رأينا أن نقسم هذه الفترة إلى ثلاث مدد:
صفحه نامشخص