جارية في درعها الفضفاض ... ابيض من أخت بني بياض
قالوا فيه أن ابيض هنا ليس للتفضيل، بل صفة لموصوف محذوف تقديره: في درعها جسم أبيض أو شخص أبيض ومن في محل الرفع صفة لأبيض. على أن الكوفيين جوزوا: ما أسوده وما أبيضه في هذين اللونين خاصةً. قالوا لأنهما أصل الألوان. وهو ضعيف. لأن غالب أفعال اللوان لا تأتي إلا على أفعل وأفعال بتشديد اللام فيهما نحو أحمر وأحمار. وهما زائدان على الثلاثي. ولا تبنى أفعل التعجب وأفعل التفضيل إلا من الثلاثي المجرد من الزيادة. لأن أفعل في مثل ما أحسن زيدًا الهمزة فيه زائدة ودخلت عليه لتنقل اللازم إلى التعدي، فيصير الفاعل مفعولًا. إذ أصله حسن زيد. فلما دخلت الهمزة على الفعل، صار الكلام تقديره شيء. حسن زيدًا.
وشذ قولهم: ما أعطاه للدينار والدرهم! فتعجبوا بالرباعي. وأجازه سيبويه. وكذا: ما أولاه للمعروف وما أفقره! حمله على أنه ثلاثي والصحيح أنه رباعي فلذلك حكم بشذوذه.
مسأله وإنما قالوا في السكران: ما أشد سكره! ولم يقولوا: ما أسكره! وهو ثلاثي لأن فعله سكر وليس بخلق ولا لون ولا عيب ظاهر، فرقا بينه وبين قولهم: ما أسكره للنهر. وكذلك لم يقولوا: ما أقعده في الكان، فرقا بينه وبين ما أقعده في النسب. ولا يتعجب من الخلق أيضًا والمراد بالخلق الأعضاء كاليد والوجه والرجل. فلا تقل: ما أيداه! وما أرجله! وما أوجهه! فإن أردت ما أوجهه من الوجاهة وما أرجله من الشؤم على غيره جاز.
ويتعجب من العيوب الباطنة، كالحمق والرعونة فيقال: ما أحمقه! وما أرعنه! ومنه ما تقدم في قوله تعالى فهو في الآخرة أعمى. لأنه من عمى البصيرة.
تقول رجل أعمى وأعميان وأعمون بفتح الميم، في ذلك كله. وأعمون جمع سلامة. وأجاز الكوفيون ضم الميم في الجميع. وتقول في جمع التكسير: عميان. تقول عمي عمىً فهو عم من عمى القلب، وعمي يعمى فهو أعمى من عمى البصر. وجمع عم عمون. قال الله تعالى: بل هم منها عمون. وجمع أعمى عميان وعمي. قال الله تعالى لم يخروا عليها صمًا وعميانًا.
وقال
1 / 14