ها أنا قد فعلت مع غادر فعلا لم يسبقني إليه أحد في الزمان الغابر؛ وذلك أني رأيته منطرحا في الطريق، من كثرة الأمراض والضيق، فأخذته وأحضرت له الأطباء، واعتنيت به غاية الاعتناء، وبعد شفائه من المرض أيها الصديق، قد اصطفيته لنفسي خليلا ورفيق، وكذلك والدي نظرا لحبه إلي، كتب على نفسه صكا شرعيا، أن يعامله كولده طول حياته، وأن يكون شريكا لي في جميع الأموال بعد وفاته؛ أملا أن يصير عوني وعضدي، ومسعفي في كل الأمور وسندي، وقد بان والحمد لله معه الجميل، وصار لنا أفضل صديق وألطف خليل.
ناصر :
وكيف أمكن لك يا سيدي أن تصافي هذا الإنسان، قبل الاختبار والامتحان؟
حليم :
إني اختبرته يا ناصر، وعرفت باطنه والظاهر، أما سمعت ما أبداه من الحمد للواحد القادر، وما أظهره لي من الشكر الفاخر؟ ولذا رمت أن أصطحبه معي إلى صيد الطيور؛ لنحصل على كمال النشوة والسرور.
ناصر (مبتسما) :
أمور تضحك الجهلاء منها
ويبكي من عواقبها اللبيب
أراك يا موالاي تصف غادر بالخلة والصداقة، وما هي عن إذنك إلا خفة وحماقة؛ حيث إنك وجدته منطرحا في الطريق، وأنقذته من كل كرب وضيق، ودوايته وآويته، وأطعمته وكسوته، وشاركته في نعمتك، وجعلته أنيس حضرتك، فشكرك بلسانه، والله أعلم بما في جنانه، أهذا هو الصديق؟ لا والله ما هو إلا زنديق.
إن أخا الهيجاء من يسعى معك
صفحه نامشخص