نهج الرشاد في نظم الاعتقاد
نهج الرشاد في نظم الاعتقاد
پژوهشگر
أبو المنذر المنياوي
ناشر
أرسله محققه للمكتبة الشاملة
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٥ هـ - ٢٠١٤ م
ژانرها
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
حديث عَنْ عَلِىٍّ ﵁ قَالَ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ قَالَ: يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ أَوْتِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ ﷿ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ، وفي رواية: إِنَّ اللَّهَ ﷿ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ فَأَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ، وعند أحمد من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ. والوِتْرُ في اللغة هو الفَرْدُ أَو ما لم يَتَشَفَّعْ من العَدَدِ، قال تعالى: (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) (الفجر:٣) قيل: الوتر آدم ﵇ والشَّفْع أنه شُفِعَ بزوجته، وقيل: الشفع يوم النحر والوتر يوم عرفة، وقيل: الأَعداد كلها شفع ووتر كثرت أَو، قلّت، وقيل: الوتر هو الله الواحد والشفع جميع الخلق خلقوا أَزواجًا، وكان القوم وتِرًا فَشَفَعْتهم وكانوا شَفْعًا فَوَتَرْتهم، وعند البخاري من حديث ابْنِ عُمَرَ أن رجلا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ مَا تَرَى فِي صَلاَةِ اللَّيْلِ قَالَ: مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً، فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى، وعند الترمذي وصححه الشيخ الألباني من حديث سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ أن رَسُول اللَّهِ ﷺ: (إِذَا تَوَضَّاتَ فَانْتَثِرْ وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ) أي اجعل الحجارة التي تستنجي بها فردًا استنج بثلاثة أَحجار، أَو خمسة، أَو سبعة، ولا تستنج بالشفع.
والله تعالى وتر انفرد عن خلقه فجعلهم شفعا، فالله ﷿ خلق المخلوقات بحيث لا تعتدل ولا تستقر إلا بالزوجية ولا تهنأ على الفردية والأحدية، يقول تعالى: (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (الذاريات:٤٩)، فالرجل لا يهنأ إلا بزوجته وبغيرها لا يشعر بسعادته فلا بد من الزوجية ومشاركته لأسرته، والتوافق بين محبتهم ومحبته، فيراعى في قراره ضروريات أولاده زوجته، ولا يمكن أن تستمر الحياة التي قدرها الله على خلقه بغير الزوجية، حتى في تكوين أدق المواد الطبيعية، فالمادة تتكون من مجموعة من العناصر والمرَكَّبات، وكل عنصر مكون من مجموعة من الجزيئات، وكل جزيء مكون من مجموعة من الذرات، وكل ذرة لها نظام في تركيبها تتزواج فيه مع أخواتها، سواء كانت الذرةُ سالبةً أو موجبةً، فالعناصر في حقيقتها عبارة عن أخوات من الذرات متزاوجات متفاهمات، متكاتفات ومتماسكات ففي علم الطبيعة والفيزياء معلوم أنه لا يتكون جزئُ الماء إلا إذا اتحدت ذرتان من الهيدروجين مع ذرة واحدة من الأكسجين؟ فالذرات متزاوجة سالبها يرتبط بموجبها، لا تهدأ ولا تستقر إلا بالتزاوج من بعضها البعض، فهذه بناية الخلق بتقدير الحق، بنيت على الزوجية والشفع، أما ربنا ﷿ فذاته صمدية وصفاته فردية، فهو المنفرد بالأحدية والوترية، كما ثبت في السنة النبوية: (إِنَّ اللَّهَ ﷿ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ).
وقد قيل أيضا في معنى الشفع والوتر أن الشفع: تنوع أوصاف العباد بين عز وذل، وعجز وقدرة، وضعف وقوة، وعلم وجهل، وموت وحياة، والوتر: انفراد صفات الله ﷿ فهو العزيز بلا ذل، والقدير بلا عجز، والقوي بلا ضعف، والعليم بلا جهل، وهو الحي الذي لا يموت، القيوم الذي لا ينام، ومن أساسيات التوحيد والوترية أن تفرد الله عمن سواه في ذات الله وصفاته وأفعاله ...].
1 / 126