نهج الرشاد في نظم الاعتقاد
نهج الرشاد في نظم الاعتقاد
پژوهشگر
أبو المنذر المنياوي
ناشر
أرسله محققه للمكتبة الشاملة
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٥ هـ - ٢٠١٤ م
ژانرها
١٢٤ - فَلَوْ أَنَّ شِعْرِي وَالْجَوَارِحَ أَلْسُنٌ ... لِمَدْحِكَ كَلَّتْ عَنْ مُقَارَبَةِ الْعُشْرِ
_________
وهذا التوسل هو عين دين الإسلام لا يجحده أحد من المسلمين، لكن هذا التوسل في الحقيقة هو التوسل بالأعمال الصالحة، وإن سماه أحد توسلًا بالأنبياء والصالحين فلا يتغير حكمه بهذه التسمية، فإن العبرة للمسمى والمعنون لا للاسم والعنوان.
(الرابع) التوسل بدعاء النبي ﷺ في حياته كفاحًا، وكذلك التوسل بدعاء الصالحين، ومنه قول عمر ﵁: (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا ﷺ فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا). ومنه قول أعرابي حين أصابت الناس سنة على عهد النبي ﷺ: (يا رسول الله هلك المال وجاع العيال، فادع الله لنا)، ومنها ما كانت الصحابة ﵃ من أن أحدهم متى صدر منه ما يقتضي التوبة جاء إليه، فقال: يا رسول الله فعلت كذا، وكذا فاستغفر لي، وإليه الإشارة في قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾. وهذا أيضًا مما لا نزاع فيه لأحد، وعليه يحمل حديث الضرير (اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة) على تقدير ثبوته - قلت: (المحقق)، والصحيح أنه ثابت فقد رواه الترمذي، وأحمد، وغيرهما، وصححه الألباني، والأرناوؤط -، أي بدعاء نبيك، ويدل عليه لفظ فقال "ادع الله" وقوله "اللهم شفعه فيّ".].
وأما ما في عبارة الناظم من إطلاق كون النبي ﷺ ذخرًا لنا في أمورنا كلها، في الدنيا، والدين، فإنه يحتاج للتقييد بكونه حيًا، أو بما ورد به الدليل بعد موته: كنحو رد السلام على المُسَلِّم.
ولا يفوتني هنا التنبيه على عدم مشروعية التوسل بذات النبي ﷺ، أو بجاهه بعد موته؛ لعدول الصحابة ﵃ عنه، مع وجود المقتضي، وانتفاء الموانع، وتوسلهم بدعاء العباس ﵁ للاستسقاء، فدل هذا على أن التوسل المشروع عندهم هو التوسل بدعائه، وبشفاعته، لا السؤال بذاته، ولا بجاهه، ومما يؤكد ذلك دعاء النبي للرجل الأعمى الذي توسل به ﷺ ليرد الله له بصره. وانظر في التوسل: "قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة" لابن تيمية، و" التوصل إلى حقيقة التوسل" لمحمد نسيب الرفاعي، و"التوسل أنواعه، وأحكامه" للشيخ الألباني، و" صيانة الإنسان" للسهسواني، فقد أجاد في بيان أنواع التوسل المشروع، والممنوع، ولولا طول كلامه، وخشية الإطالة لنقلته برمته.
1 / 105