نفحه زکیه
النفحة الزكية في تاريخ مصر وأخبار الدولة الإسلامية
ژانرها
في الطبقة الثانية وهي الدولة الوسطى، وفيه مطلبان:
مكثت هذه الدولة 1361 سنة (3686-2325ق.ه) وتشتمل على ست عائلات من العائلة الحادية عشرة إلى العائلة السابعة عشرة، وفيها حصلت إغارة الملوك الرعاة.
المطلب الأول
في العصر الثاني من أعصار الفنون المصرية
قد تجددت بظهور العائلة الحادية عشرة التي هي مبدأ هذه الدولة ثروة مصر وبهجتها، وتجدد تاريخها، مع التغيير الكلي في حالة البلاد السياسية والدينية؛ فقد تغيرت أسماء الأعلام المستعملة في العائلات وأسماء الوظائف، وتغيرت الكتابة والديانة أيضا؛ فإن المرتبة الأولى صارت لمعبودات طيبة بعد أن كانت لمعبودات منف، وانتقل كرسي المملكة من منف إلى طيبة، ولكن العائلة الثانية عشرة هي التي يكون زمنها العصر الثاني من أعصار الفنون المصرية، فإنها كانت أشهر عائلات هذه الدولة، ومن أعظم عائلات مصر بهجة ورونقا وأوضحها تاريخا، وفي عهدها كانت بمصر بأجمعها من شلال أصوان إلى البحر الأبيض المتوسط مملكة واحدة خاضعة لملك واحد، كما كانت في زمن العائلة الرابعة، وقد مدت حدودها شمالا لغاية صحراء بلاد الشام وجنوبا إلى الشلال الرابع، وشيدت بتلك الجهات حصونا وقلاعا لمنع أهل آسيا والنوبة عن التعدي على حدودها، وكان أشهر ملوك هذه العائلة الملك أمنمحعت الثالث؛ فإنه نظم فيضان النيل الذي هو روح مصر؛ وذلك أنه لما وجد فيضان النيل غير منتظم؛ فتارة يزيد زيادة عظيمة بحيث يقطع الجسور ويغرق البلدان، وطورا تكون زيادته طفيفة، بحيث لا تكفي لري جميع الأراضي الزراعية، أراد أن يتدارك هذه المضار، فأمر بحفر البركة الموجودة الآن بوادي الفيوم المسماة بحيرة موريس، وكان بجانبها بركة طبيعية تعرف ببركة قارون، فكان يصرف إليهما القدر الزائد من مياه النيل عن المنافع الضرورية، إذا كان الفيضان كثيرا، وتروى بمياههما جميع أراضي الجانب الأيسر من النيل إلى البحر الأبيض المتوسط إذا كانت زيادة النيل ضعيفة.
وكان في وسط بركة موريس هرمان، في كل منهما تمثال جالس، فالهرم الأول كان فيه تمثال الملك أمنمحعت يشاهد بركته التي حفرها، والثاني كان فيه تمثال زوجته. وشيد في الجهة الشرقية من هذه البحيرة، على ربوة عالية متسعة طولها مائتا متر وعرضها مائة وستون مترا، سراية شهيرة تسمى سراية لابيرانته، يوجد بداخلها اثنتا عشرة رحبة متقابلة الأبواب؛ ستة على اليمين وستة على الشمال، وهذه السراي محاطة من الخارج بسور كبير، وفيها ثلاثة آلاف غرفة؛ منها ألف وخمسمائة في الدور الأول وألف وخمسمائة في الدور الثاني، وجميعها مسقوفة بالحجارة، ومقامة على أعمدة من الحجر الأبيض منتظمة الصفوف. وفي آخر هذه السراي هرم مزين بالرسوم يتوصل إليه من سرداب تحت الأرض، دفن فيه الملك أمنمحعت الثالث.
المطلب الثاني
في الملوك الرعاة
وبعد العائلة الثانية عشرة أخذ تاريخ مصر في الانحطاط، فإنه لا يعلم من تاريخ العائلة الثالثة عشرة والعائلة الرابعة عشرة إلا شيء قليل، أما في عهد الثلاث عائلات الأخيرة من هذه الدولة الخامسة عشرة والسادسة عشرة والسابعة عشرة، فقد كانت مصر محكومة بقوم يقال لهم: الملوك الرعاة أو الهيكسوس، وهم أقوام من آسيا، رحل، أغاروا على مصر من جهة برزخ السويس، فتملكوا على الوجه البحري بدون كبير معارضة، وأخذوا يحرقون المدن والمعابد، وينهبون ما فيها، ويقتلون الأهالي، ثم صعدوا النيل إلى مدينة طيبة. غير أنهم لم يمكنهم أن يستوطنوها، بل تركوا الحكم فيها لأمراء المصريين بشرط أن يدفعوا لهم الجزية، وقد أسسوا لهم حكومة منتظمة، ورتبوا خفراء لملاحظة الوجه القبلي، ثم غلب عليهم التمدن المصري بعد أن أقاموا في مصر مدة؛ فتعلموا لغة المصريين، واعتادوا بعوائدهم، ثم تعودوا على الترف والخمول أيضا؛ لوجود الراحة وكثرة الثروة، حتى تقوى عليهم أمراء طيبة، وطردوهم من أرض مصر بعد أن أقاموا بها أكثر من خمسمائة سنة في عهد الملك أحمس؛ أحد هؤلاء الأمراء الذي أسس بعد طردهم العائلة الثامنة عشرة؛ مبدأ الدولة الحديثة.
وقد كان بيع يوسف الصديق عليه السلام في مصر وحضور بني يعقوب إليها وتوطنهم فيها في عهد هؤلاء الملوك في أيام العائلة السادسة عشرة.
صفحه نامشخص