211

نفخ الطیب

نفخ الطيب من غصن الأندلس الرطيب

پژوهشگر

إحسان عباس

ناشر

دار صادر-بيروت

محل انتشار

لبنان ص. ب ١٠

يبعث الله ولد زنى كلما أنشدت هذه الأبيات قال: إنّ قائلها أعمى، فقال: أمّا أنا فما أنطق بحرفٍ، فقال: من صمت نجا. وكانت نزهون بنت القلاعي حاضرةٌ فقالت: وتراك يا أستاذ قديم النعمة بمجمر ندّ وغناء وشراب، فتعجب من تأتّيه وتشبهه بنعيم الجنّة، وتقول: ما كان يعلم إلاّ بالسماع، ولا يبلغ إليه بالعيان؟ ولكن من يجيء من حصن المدوّر، وينشأ بين تيوس وبقر، من أين له معرفة بمجالس النعيم؟ فلما استوفت كلامها تنحنح الأعمى (١)، فقالت له: ذبحة، فقال من هذه الفاضلة؟ فقالت: عجوز مقام أمك، فقال: كذبت، ما هذا صوت عجوز، إنّما هذه نغمة قحبة محترقة تشم روائح هنها على فرسخ؛ فقال له أبو بكر: يا أستاذ، هذه نزهون بنت القلاعي الشاعرة الأديبة، فقال: سمعت بها، لا أسمعها الله خيرًا، ولا أراها إلاّ أيرًا. فقالت له: يا شيخ سوء تناقضت، وأيّ خير للمرأة مثل ما ذكرت؟ ففكر ساعة ثمّ قال:
على وجه نزهونٍ من الحسن مسحةٌ ... وإن كان قد أمسى من الضوء عاريا
قواصد نزهونٍ توارك غيرها ... ومن قصد البحر استقلّ السواقيا فأعملت فكرها ثمّ قالت:
قل للوضيع مقالًا ... يتلى إلى حين يحشر
من المدوّر أنشئ ... ت والخرا منه أعطر
حيث البداوة أمست ... في مشيها تتبختر
لذاك أمسيت صبًّا ... بكلّ شيء مدوّر
خلقت أعمى ولكن ... تهيم في كلّ أعور
جازيت شعرًا بشعرٍ ... فقل لعمري من أشعر

(١) الأعمى: سقطت من ك.

1 / 192