قلت: يجوز أن يقال لا، لأجل أن عبد الرحمن بن غنم (¬1) نقل ما يفهم أن عهد عمر رضي الله عنه شمل أولادهم، ومثل ذلك لم يرد في بلادنا، والأصل عدم ذلك، فبني الأمر عليه، وعلى تقدير أن يقال: لا نسلم أن عهد عمر رضي الله عنه شمل أولادهم، فالتخريج الأصح فيما جهل حاله من أماكن البصرة التي وجد فيها البيع والكنائس، هل كان مما أحياه المسلمون حين أنشأوا البصرة أم لا؟ وحيث لم يقل بذلك صاحب الحاوي، ولم ينقله، فلعله لم يخطر له إذ ذاك المأخذ المذكور، أو خطر له، لكنه لم يفرع عليه، لأنه يرى أن إيجاب تجديد العقد للأولاد خطأ، كما صرح به، فلذلك لم يفرع عليه، ومادة ما ذكرناه /20 ب من التخريج إنما هي إيجاب تجديد العقد، كما أسلفناه، فإن قيل: ما قال الماوردي أنه خطأ كلام المراوزة، قد تقتضي موافقته، إذ قالوا: إن الصحيح أنه لا يحتاج إلى استئناف عقد مع الأولاد، بل يجري عليهم حكم أبيهم، وادعوا أنه ظاهر النص، كما أشرت إليه من قبل، وإن كان الإمام قد قال: إن خلافه القياس، وإذا كان كذلك، فمذهب المراوزة، يمنع ما استحسنه من الأدلة.
قلت حينئذ أقول: يترتب من هذا، ومما سلف، اتفاق أهل العراق والمرازة على عدم التقرير، وإن اختلفوا في المأخذ، وإنما قلت ذلك، لأن الصحيح عند العراقيين كما حكوه عن صريح نص الشافعي في الأم، على أنه لا بد من تجديد عقد الأولاد، وهو كما قررناه، يقتضي عدم تقرير الكنائس /21أوإن خالفهم المراوزة في التقرير بهذا السبب، لكن المراوزة يقولون: الصحيح أن البلاد إذا فتحت عنوة، لا يجوز أن يقرر ما بها من الكنائس ونحوها، وقضية ذلك أن لا يجوز التقرير لذلك بهذه الديار، وبذلك يصح ما قلناه، والله أعلم.
وأما الجواب عن السؤال المعتضد بمسألة الجذوع والدابة، على تقدير فقد كل من الدليلين، أعني الرابع والخامس، فهو بإبداء الفرق بين ما نحن فيه وذلك، فنقول إنما أقر بالجذوع لأمرين:
صفحه ۳۴