88

[الثاني] : فصل في أن في الأخبار ما يحصل عنده العلم

اعلم أن أصحاب المقالات حكوا عن فرقة تعرف بالسمنية (1) إنكار وقوع العلم عند شيء من الأخبار ، وأنهم يقصرون العلم على الإدراك دون غيره.

والذي يدل على بطلان هذا المذهب أنا نجد من سكون نفوسنا إلى اعتقاد وجود البلدان الكبار والحوادث العظام ما نجده عند المشاهدات ، فمن تشكك في أن ذلك علم يقين كمن تشكك في الآخر ، ومن ادعى أنه ظن قوي كمن ادعاه في الأمرين. والأشبه إن كانت هذه الحكاية حقا أن يكون من خالف في ذلك إنما خالف في الاسم دون المعنى ، واشتبه عليه العلم بالظن ، كما نقوله في السوفسطائية. وهذا القدر كاف.

[الثالث] : فصل في أقسام الأخبار

إعلم أن الأخبار تنقسم إلى ثلاثة أقسام : أولها : يعلم أن مخبره على ما تناوله. وثانيها : يعلم أن مخبره ليس على ما تناوله. وثالثها : يتوقف فيه.

وما يعلم أن مخبره على ما تناوله على ضربين :

أحدهما : يعلم ذلك من حاله باضطرار ، ومثاله بغير خلاف خبر من أخبرنا بأن السماء فوقنا والأرض تحتنا ، ومن أمثلتهم على الخلاف الذي فيه وسنذكره الإخبار عن البلدان الكبار والحوادث العظام.

والآخر : أن يعلم أن مخبره على ما تناوله باكتساب ، كالخبر المتواتر وخبر الله تعالى وخبر رسوله صلى الله عليه وآلهوسلم وخبر الأمة بأجمعها. وقد ألحق قوم بهذا القسم

صفحه ۲۰۶