64

أن تفعل» ، وأن قوله : «لا تفعل» بمنزلة قوله : «إني أكره أن تفعل» ، وهذه الجملة تقتضي جواز دخول النسخ في مقتضى الأخبار ، كما دخلت في مقتضى الأمر والنهي.

وإذا قيل : إن الخبر متى دخله النسخ ، اقتضى تجويز الكذب.

قلنا : والامر متى دخله النسخ ، أوجب البداء.

فإذا قيل : إن النسخ لا يتناول عين ما أريد بالأمر.

قلنا : مثل ذلك في الخبر.

وإنما قال المتكلمون قديما أن النسخ لا يدخل في الأخبار ، وأرادوا الخبر عما كان ، ويكون ، مما لا يتعلق بالتكليف. ولا شبهة في جواز أن يدل الله تعالى على جميع الأحكام الشرعية بالأخبار. ومعلوم أن النسخ لو كان الأمر على ما قدرناه متأت في الشريعة فوضح أن الأمر على ما ذكرناه.

فأما دخول معنى النسخ في نفس الأخبار فجائز ؛ لأنه لا خبر كلفنا الله تعالى أن نفعله إلا ويجوز أن يزيل عنا التكليف في أمثاله ، حتى الخبر عن التوحيد ، ألا ترى أن الجنب قد منع من قراءة القرآن ، وقد كان يجوز مثله في الشهادتين. وكون هذا الخبر صدقا لا يمنع من إزالة التعبد به إذا عرض في ذلك أن يكون مفسدة.

فإن قيل : أتجيزون مثل ذلك في العلم والاعتقاد.

قلنا : أما العلم الذي علمنا وجوبه لكونه مصلحة لا يتغير ، كالمعرفة بالله تعالى ، فلا يجوز فيه النسخ ، لامتناع تغير حاله في وجه الوجوب.

وأما العلم بغيره فيجوز أن يكون مفسده ، وذلك وجه قبح ، فيجوز دخول النسخ فيه.

صفحه ۱۸۲