ورصع إكليله بزهر العلا فاستهوى الحجا، قال: أحمد من جعلني خلوة للأحباب، وجلوة لعرائس العرفان ونفائس الأدب، وخلقني مثوى لراحة العباد، ومأوى لخاصة النسَّاك والعباد، ولله درُّ من قال فأجاد:
أيها الليل طل بغير جناح ... ليس للعين راحة في الصباح
كيف لا ابغض الصباح وفيه ... بان عني نور الوجوه الصباح
أتردد على أرباب المجاهدة بفنون الغرائب، وأتودد إلى أصحاب المشاهدة بعيون الرغائب، تدور في ساحتهم بدور الحسن والبهاء، وتدار من راحتهم كؤوس الأنس
والهناء فتحييهم نغمات السمر، وتحييهم نسمات السحر، فأحيان وصلى بالتهاني مقمرة، وأفنان فضلى بالأماني مثمرة، وحسبي كرامة أني للناس خير لباس، أقيم بلطف الإيناس من كل باس، ومن واصل الإدلاج وهجر طيب الكرى، قيل له (عند الصباح يحمد القوم السرى):
وما الليل إلا للمجد مطية ... وميدان سبق فاستبق تبلغ المنى
ففتن بمعاني بيانه البديع، وتفنن في أفانين التصريع والترصيع، ثم أتم خطبته بالتماس المغفرة والعفو، واستعاذ بالله من دواهي الغفلة ودواعي اللهو.
1 / 126