قيل لأمه في المنام: أنت حامل بسيد الأمة، وأنه سيتلقى عند ولادته الأرض بيده اليسرى، ثم ينظرك متبسما، فقولي: أعيذك بالواحد من شر كل حاسد، فإنك عبد الملك الواحد، وسميه محمدا (1).
فلما وضعته كان كذلك، فجعلته تحت برمة فانفلقت عنه وقد شق بصره إلى السماء، وسمعت في الهواء: انقشعت الظلماء، وسطع الضياء، وبعث خاتم الأنبياء، وظهر الإسلام، ووصلت الأرحام، وكسرت الأصنام، وحج البيت الحرام، (فمن أجاب) (2) فله الجنة، ومن عصى فله النار.
وقال العباس: ولد مختونا، مسرورا، نظيفا، في ظهره خاتم النبوة، أصابعه في آذانه كالمؤذن، وجميع الكواكب في شرفها ناظرة إليه بأمر ربها. وكان طالعه (صلوات الله عليه): الميزان. وأدخله جده عبد المطلب الكعبة، وشكر الله وأثنا عليه، ورفعه إليه، ومما قال:
الحمد لله الذي أعطاني
هذا الغلام الطيب الأردان (3)
وذكرت أمه خفة حمله وسهولة ولادته. وكانت أم أيمن تحضنه والسعدية ترضعه، ولما توفيت أمه ضمه جده وحن عليه. ومن شرفه أن تساقطت النجوم عند ولادته، ورجمت الشياطين عن ميقات رسالته، وتفجر الماء من بين اصبعيه، وحن الجذع اليابس عليه، فلم يسكن حتى ضمه إليه، وكان يسلم الحجر عليه والمدر والنبات والشجر، وكلمه الضب والظبية بالشهادتين. وكان يحب (صلوات الله عليه) صوم الإثنين، فقيل له في ذلك فقال: «فيه ولدت، وفيه جاءني الوحي، وفيه هاجرت، وفيه رفعت الحجر الأسود، وفيه بعثت، وفيه دخلت المدينة، وفيه أقبض» (4).
صفحه ۲۸