كما أصبح معروفا أن عبدة رحمن اليمن كانوا يعرفون باسم الحنفاء، وسبق لنا في كتابنا «الحزب الهاشمي» أن ذهبنا إلى حسبانهم أصل المبدأ الذي انتشر في جزيرة العرب قبل الإسلام بزمن قصير، والمعروف بالحنيفية، مستفيدين في ذلك من كتابات مهمة وموثوقة.
25
وإعمالا لكل ذلك يمكننا القول إن «عاد» ورفيقتها «ثمود» أو «عمورة»، ورفيقتها «سدوم» كانتا في جنوب جزيرة العرب، موطنا سكنه «لوط» الذي كان رفيق عمله المرتحل دوما، والجواب دوما، والذي وصفته التوراة بالقول: «أراميا تائها كان أبي»، النبي إبراهيم عليه السلام، وهو ما يضع آخر ما بيدنا من لبنات في دعم أطروحاتنا حول وجهة النبي إبراهيم بعد خروجه من مصر وقفزت التوراة فوقه، لكن تفاصيله تساقطت على صفحاتها، ونزلت في غير مواضعها الصحيحة من السياق، لكن علاماتنا الشاهدة التي جمعناها، خلال ثلاث سنوات انصرمت مذ بدأنا التفرغ الكامل لبحثنا هذا، تلاصقت واتسقت بما لا سبيل إلى نقضه إلا بنسق مماثل يحمل أدلة ناقضة، على نفس القدر من الدلالة والشهادة.
وهنا قد يجابه أطروحاتنا في هذا القسم الأخير من الدراسة رد حاسم يقول: إننا قد خلطنا الأمور، فحسبنا لوطا نبيا لعاد وثمود، بينما القصة القرآنية تشير إلى أن الله قد أرسل إلى «عاد» نبيا عربيا هو «هود»، وأرسل إلى «ثمود» نبيا عربيا آخر هو «صالح»، ولما كذبوا الرسل أهلكوا عبرة للمكذبين، لكننا نحيل هذا الرد إلى كتبنا التراثية التي تؤكد أن هذه المدن قد أهلكت مرتين، وأن هناك عادا أولى وعادا ثانية، وأوثقهم في ذلك زعيم طبقة كتاب الأخبار والسير «الحافظ ابن كثير الدمشقي» الذي أكد أن عادا الأولى كانت قبل الخليل إبراهيم، أما عاد الثانية فقد أهلكوا بسحابة نارية «وهو ما زعمناه ثورة بركانية»؛ بينما أهلكت عاد الأولى بريح صرصر عاتية،
26
إضافة إلى إجماع الإخباريين على أن «هودا» قد أرسل إلى عاد الأولى.
27
وقد يردنا آخر بما ذهب إليه البعض: أن ثمود تقع شمالي الجزيرة بينما عاد تقع جنوبها، لكن الرد مردود سلفا لأسباب؛ أهمها: أن ثمود لم تزل علما حتى اليوم، في الجنوب اليمني، وإلى الجوار منها موضع آخر لم يزل يحمل إلى اليوم اسم «قبر هود»، وقد روى أمير المؤمنين علي، أنه ذكر صفة قبر هود في بلاد اليمن،
28
ثم إن الآيات الكريمة المتفرقة بالقرآن، كانت تربط أينما وردت بين عاد وثمود، مما يشير إلى وحدة الرقعة الجغرافية، وقد أكد القرآن الكريم أن منازل عاد كانت باليمن في قوله:
صفحه نامشخص