صلى الله عليه وسلم
طعاما يأتون عليه جميعا) ... وإذا كان هو واقفا «لديهم» تحت الشجرة أكلوا، ثم «قام الرجال» من هناك وتطلعوا نحو سدوم، وكان إبراهيم «ماشيا معهم» ليشيعهم، فقال الرب: هل أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله؟ ... وقال الرب: إن صراخ سدوم وعمورة قد كثر، وخطيتهم قد عظمت حدا، وانصرف الرجال من هناك وذهبوا نحو سدوم، «وأما إبراهيم فكان لم يزل قائما أمام الرب».
تكوين 18
ونفهم من رواية التوراة، أن هؤلاء الآلهة الثلاثة، قد ذهب اثنان منهم إلى سدوم بينما بقى كبيرهم مع النبي إبراهيم. وتستطرد لتقول: «وكان لوط جالسا في باب سدوم، فلما رآهما لوط قام لاستقبالهما، وسجد بوجهه إلى الأرض، وقال: يا سيدي: ميلا إلى بيت عبدكما» (تكوين 19: 1، 2).
وكما اعتدنا مع قارئنا في هذا البحث، الإطلال على ما عن للقس العالمي «ماير»، وكيف يرى الأمور؟ والذي وصفه «القمص داود» المترجم بأنه «رجل عظيم»، وأنه بهذه الترجمة يرغب في إشراك المؤمنين معه في الاستمتاع بروحانيات «ماير»، حتى يستمتعوا مثله، يعقب «ماير» على القصة التوراتية هنا بالقول: «زار أولئك الضيوف الثلاثة خيمة إبراهيم، ولا شك أن أحدهم كانت تبدو عليه علائم العظمة والرهبة والجلال، أما الثالث الذي كان هو المتكلم الوحيد أثناء الضيافة فإن عظمته قد تجلت، ووقف إبراهيم يخدم الضيوف كخادم، بينما كانوا يتناولون الطعام تحت الشجرة، وفي المساء دخل المدينة «سدوم» اثنان منهم فقط، وأين كان الثالث؟ لقد تخلف عنهم ليكمل حديثه مع إبراهيم خليله!»
ثم لا يلبث «ماير» أن يشن حملة ضارية على «لوط» ذاته، فيقول: إنه ما خرج مع عمه العظيم إلا ابتغاء تحسين مركزه المالي بزيارة مصر، وأمثاله يضعفون مستوى حياتنا الروحية، ويجرون غيرهم إلى طريق العالم والدنيا، ويجروننا إلى مصر (يرمز صاحبنا الفقيه هنا إلى الفساد الدنيوي بمصر كدأبه)، ثم يستنتج «ماير» أن فشل النبي إبراهيم (هو الذي يزعم ذلك!) في مصر، وخطيته هناك، إنما ترجع إلى تأثير لوط السيئ عليه، بدليل أن اختياره كان منصبا على شهوة الجسد، فذهب إلى سدوم رغم علمه بخطاياها، ثم يعقب المبشر الفاضل بالقول: «ولا شك أن أواخر أيام هذا الرجل الشقي كانت تعسة، إذ جرد من كل شيء، ووقف وجها لوجه أمام نتيجة خطيته المشينة»،
4
ولا جدال هنا أن الأب «ماير» مؤمن تماما بما جاء في التوراة، ومتسق مع إيمانه بهذا الكتاب، ولم يخرج عما تقوله للمؤمنين بها من أقوال مقدسة!
ونتابع رواية التوراة فتقول: إنه ما إن رأى أهل القرية تلك الوجوه الجديدة تتهادى في قريتهم نحو بيت لوط، حتى انحدروا سيلا ينهمر على البيت، وحاصروه، ونادوا يطالبون بالمشاركة، أو كما يقول النص:
وقبلما اضطجعا، أحاط بالبيت رجال المدينة، رجال سدوم من الحدث إلى الشيخ، كل الشعب من أقصاها إلى أقصاها، فنادوا لوطا وقالوا له: أين الرجلان اللذان دخلا إليك؟ أخرجهما إلينا لنعرفهم (تستخدم التوراة لفظ يعرف بمعنى ينزو)، فخرج إليهم لوط عند الباب، وأغلق الباب وراءه، وقال: ... هو ذا لي ابنتان لم تعرفا رجلا (وهو وضع طبيعي في ضوء العلاقة غير الطبيعية في المجتمع السدومي)، أخرجهما إليكم، فافعلوا بهما كما يحسن في عيونكم.
صفحه نامشخص