2
وفي هذا النقش يقول ذلك القاضي، واسمه «سمه-على»: «إنه قدم البخور والمر إلى «المقة»، باسمه ونيابة عن قبيلته التي قادها في الفيافي والقفار.»
3
وقد سبق وذهبنا إلى أن «المقة» لا تعني ربا محددا بهذا الاسم، كما ذهب الباحثون، إنما اعتبرناه يعني «رب البيت»، وقدمنا حججنا على ذلك في حينه، وعليه نتساءل:
هل كان هذا القاضي، «سمه-على» هو النبي إسماعيل، أو «سمعلي» هو النبي إسماعيل؟ التطابق في الاسم لا يحمل لبسا، ونظام الحكم أوانها حسب إشارة التوراة كان قبليا، والظروف متشابهة، لكن لا يمكننا الإجابة بأكثر من «ربما»!
هذا، ونظن أن أمر الكارثة الكبرى التي حدثت في الجنوب العربي، ودفعت سكانه شمالا، قد ورد في التوراة، لكن في غير المواضع الصحيحة لتسلسل الأحداث، ونعتقد أننا لو تمكنا من إثبات ذلك، نكون قد دعمنا أطروحاتنا السابقة دعما جيدا، وسيكون هذا الإثبات دليلا على ما زعمناه حلقة مفقودة في التوراة، وافترضناه رحلة إبراهيمية من مصر إلى اليمن، وعودة منها، أغفلت الأقلام التوراتية تفصيلها ونظن سبيلنا إلى الإثبات إنما يكمن في قصة التوراة عن دمار مدينتي «سدوم» و«عمورة». التوراة تتحدث عن هاتين المدينتين كقريتين خاطئتين، دمرتهما الآلهة لكنها تضع المدينتين على خريطة فلسطين، وحتى لا يكون هناك مجال للتأكد من ذلك بالبحث الآثاري عنهما هناك، فإن التوراة تزعم أن «سدوم» و«عمورة» قد دفنتا تحت البحر الفلسطيني الميت، ومن هنا نتوقف مع رواية التوراة رويدا لارتباط هذه القصة بما زعمناه إثباتا لأطروحاتنا، إضافة إلى أن هذه الرواية لا تخلو من طرافة وعجب!
تقول الرواية التوراتية: إن النبي إبراهيم قد أبدى لابن أخيه لوط رغبته في الانفصال عنه، فأخذ لوط متاعه وغلمانه «واتجه شرقا»، ليسكن سدوم المجاورة لعمورة، علما أن أهلها كانوا يرتكبون من الإثم أفحشه، فيأتون الرجال من دون النساء شهوة، ووصفتهم التوراة بأنهم كانوا «أشرار وخطاة لدى الرب جدا» (تكوين 13: 13).
وما إن يحط «لوط» رحله بين القوم، حتى تقرر آلهة التوراة القضاء على هذا الشعب الآثم وإفناءه بتمامه، شيوخه وغلمانه وأطفاله ونساءه، إضافة بالطبع إلى الآثمين من الشبان القادرين على مثل هذه المعصية، لكن هذه الآلهة كانت تريد - في الوقت ذاته - إنقاذ لوط، وأهل بيته وهم ثلاث من الإناث: زوجته وابنتاه.
ولتنفيذ القرار، ينزل ثلاثة من الأرباب من السماء، ويتوجهون أولا إلى النبي العم إبراهيم عليه السلام؛ لإعلامه بالقرار أو كما يقول النص:
وظهر له الرب عند بلوطات ممرا، وهو جالس في باب الخيمة، وقت حر النهار، فرفع عينيه ونظر، «وإذا ثلاثة رجال» واقفين لديه ... (وبعد أن يصنع لهم إبراهيم
صفحه نامشخص