ولا نزعم هنا قدرة حل جميع الإشكاليات المطروحة، إنما سنحاول فقط. وربما أثرنا أثناء البحث إشكاليات جديدة، لكن بحثنا هذا على أية حال، هو توجيه - في المقام الأول - إلى باب حان ولوجه، ووجب أن يقوم له فرسانه من الباحثين، وهم لا شك كثيرون. وربما قبل ذلك نبهونا إلى أننا قد أصبنا هنا، أو أخطأنا هناك، وربما وافقنا البعض، وربما خالفنا الكثيرون، لكن الذي لا خلاف حوله، أنه في ساحة البحث العلمي متسع للجميع.
الهجرة إلى فلسطين
عبر خمس وعشرين آية، من الإصحاح الحادي عشر بسفر التكوين، تثبت التوراة نسب النبي إبراهيم عليه السلام وتصعد به عبر أسلافه حتى تصله بسام بن نوح، مع تفصيل وشرح يتعلق بعمر هذا الفرد أو ذاك، من شجرة العائلة يمكن اقتضابها جميعا في القول: إن النبي إبراهيم هو: «إبرام بن تارح بن ناحور بن سروج بن رعو بن فالج بن عابر بن شالح بن أرفكشاد بن سام بن نوح.» (تكوين 11: 10-26).
وأول ذكر للنبي إبراهيم عليه السلام في التوراة يأتي في سياق حديثها عن هجرة قادها أبوه «تارح بن ناحور» مع أفراد عائلته، من موطنهم الأصلي، فتقول:
وأخذ تارح إبرام ابنه، ولوطا بن هاران ابن ابنه، وساراي كنته، امرأة إبرام ابنه، فخرجوا معا من أور الكلدانيين ليذهبوا إلى أرض كنعان، فأتوا إلى حاران وأقاموا هناك، ومات تارح في حاران.
تكوين 11: 31-33
ويفهم من هذه الرواية :
أن قائد هذه القبيلة المرتحلة، كان هو «تارح» أبو النبي إبراهيم، وأن زوجة النبي إبراهيم كانت تدعى «ساراي» وأنه كان له أخ يدعى «هاران» لم يكن مع المرتحلين، إنما كان ولده «لوط» هو رفيق ترحال عمه إبراهيم، وهو ما دفع المفسرين للقول: إن «هاران» قد مات في «أور» وهو ما يقول به «ماير».
ويذهب في قوله - مخالفا النص - إلى أن إبرام كان هو قائد الرحلة، وليس الأب «تارح» فيزعم أن إبرام «أخذ أباه تارح، فخرجوا من أور الكلدانيين، ونحن لا ندري كيف ارتضى تارح أن يترك وطنه العزيز، ومقابر موتاه، حيث رقد هاران ابنه، واضح على الأقل أنه لم يكن جادا في السير، ولا كانت البواعث التي دفعته للمسير صافية، ولهذا كانت مرافقته لإبراهيم سببا في تعطيل مسيره ...»،
1
صفحه نامشخص