الاستعارات البعيدة، والمعاني المولدة، فهو بأن يكون في حيز مسلم بن الوليد ومن حذا حذوه أحق وأشبه، وعلى أنى لا أجد سبكة وصحة معانيه، ويرتفع عن سائر من ذهب هذا المذهب وسلك هذا الأسلوب؛ لكثرة محاسنه وبدائعه واختراعاته.
ولست أحب أن أطلق القول بأيهما أشعر عندي؛ لتباين الناس في العلم، واختلاف مذاهبهم في الشعر، ولا أرى لأحد أن يفعل ذلك فيستهدف لذم أحد الفريقين؛ لأن الناس لم يتفقوا على أي الأربعة أشعر في امرئ القيس والنابغة وزهير والأعشى، ولا في جرير والفرزدق والأخطل، ولا في بشار ومروان والسيد، ولا في أبي نواس وأبي العتاهية ومسلم؛ لاختلاف آراء الناس في الشعر، وتباين مذاهبهم فيه.
فإن كنت - أدام الله سلامتك - ممن يفضل سهل الكلام وقريبه، ويؤثر صحة السبك وحسن العبارة وحلو اللفظ وكثرة الماء والرونق فالبحتري أشعر عندك ضروةً. وإن كنت تميل إلى الصنعة، والمعاني الغامضة التي تستخرج بالغوص والفكرة، ولا تلوى على غير ذلك فأبو تمام عندك أشعر لا محالة.
1 / 5