ومن أحسن ما قيل في ذلك قول الشاعر:
ما للأحبة في التخشُّع عارُ، ... فاخشع وإن حافوا عليك وجاروا
سقيًا ورعيًا للذين تحمّلوا، ... ونأوا، وما شُدّت لهم أكوار
لكنّهم غدروا بعهدك في الهوى، ... وأخو القَطيعة جائرٌ غدّارُ
ما إن يُلبوا إن جَفوكَ وعرَجوا ... نحو المدينة أوطنوا، أو ساروا
لا بل أشدهما عليك مصيبةً ... أنْ يفعلوا بك إذ هُمُ حُضّار
لا تعتبنّ على القيان، ولا على ... زهو القيان، فإنهن تجار
قدّمْ لهنّ مَلاهيًا ومَضاربًا، ... ومَلاويًا يحظى بها الزُّوّار
إن كنتَ صاحب لُطفةٍ وهديةٍ، ... فلك الهوى منهنّ والإيثار
أو كنت صاحب كيف أنت؟ ومرحبًا! ... فارحل فعيشُك عندهنّ بَوار
لا بدّ من شيءٍ، وإلا لم يكن ... لك ثم إقبالٌ، ولا إدبار
لو كنتَ يوسُفَ في الجمال، فإنه ... ما مثله في حُسنه ديّارُ
ثم امتنعتَ من الهديّة أنكروا ... منك الذي لا يُنكر الأحرارُ
عندي من الفتيات خبُرٌ بَيّنٌ، ... ومن الهديّة مُسنَدٌ آثار
زار ابنُ أحمر ذات يومٍ قَينةً، ... في فتيةٍ لهمْ ندىً ووقار
حتى إذا غنّتهمُ وسقتْهُمُ، ... وتجاوبت في كفّها الأوتارُ
قالت لأولهم: أما لك ضيعةٌ؟ ... فأجابها: إني فتىً سمسارُ
قالت: فأهد لنا إزارًا معلَمًا، ... فأبو فلانٍ ما عليه إزار