مَعْرِفَتِهَا رَمْيٌ فِي عَمَايَةٍ، هَذَا كُلُّهُ فِي التَّصَوُّرِ.
وَأَمَّا [فِي] ١ التَّصْدِيقِ؛ فَالَّذِي يَلِيقُ مِنْهُ بِالْجُمْهُورِ مَا كَانَتْ مُقَدِّمَاتُ الدَّلِيلِ فِيهِ ضَرُورِيَّةً، أَوْ قَرِيبَةً مِنَ الضَّرُورِيَّةِ، حَسْبَمَا يَتَبَيَّنُ فِي آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ.
فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ فَهُوَ الَّذِي ثَبَتَ طَلَبُهُ فِي الشَّرِيعَةِ، وَهُوَ الَّذِي نبَّه الْقُرْآنُ عَلَى أَمْثَالِهِ؛ كَقَوْلِهِ [تَعَالَى] ٢: ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ﴾ [النَّحْلِ: ١٧] .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [يس: ٧٩] إِلَى آخِرِهَا.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ [مِنْ شَيْءٍ] ٣﴾ [الرُّومِ: ٤٠] .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: ٢٢] .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ، أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ﴾ [الْوَاقِعَةِ: ٥٨-٥٩] .
وَهَذَا إِذَا احْتِيجَ إِلَى الدَّلِيلِ فِي التَّصْدِيقِ، وَإِلَّا؛ فَتَقْرِيرُ الْحُكْمِ كافٍ.
وَعَلَى هَذَا النَّحْوِ مَرَّ السَّلَفُ الصَّالِحُ فِي بَثِّ الشَّرِيعَةِ لِلْمُؤَالِفِ٤ وَالْمُخَالِفِ، وَمَنْ نظر في استدلالالهم عَلَى إِثْبَاتِ الْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ؛ عَلِمَ أَنَّهُمْ قَصَدُوا أَيْسَرَ الطُّرُقِ وَأَقْرَبَهَا إِلَى عُقُولِ الطَّالِبِينَ، لَكِنْ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ متكلَّف، وَلَا نَظْمٍ مُؤَلَّفٍ٥، بَلْ كَانُوا يَرْمُونَ بِالْكَلَامِ عَلَى عَوَاهِنِهِ، وَلَا يُبالون كيف وقع في
١ زيادة من الأصل.
٢، ٣ ساقطات من الأصل.
٤ في "م": "للموافق".
٥ كقياسات المنطق "د".