وكما قال [آخر]:
وإني لأغري بالنسيم إذا سرى ... ويعجبني بالأبرقين ربوع
ويحني علي الشوق نجدي مزنةٍ ... وبرق بأطراف الحجاز لموع
ولا أعرف الأشجان حتى تشوقني ... حمائم ورق في الديار وقوع
فلما رأيت الزمان لا يواتي [على المطلوب]؛ فشرعت في التعلل بذكر المحبوب.
............... ... رب ذكرى قربت من نزحا
وها أنا أذكر من أخبار تلك الطريق وفضائل البيت العتيق، وإن كان الذكر سببًا للتشويق، لكنه كما قال القائل:
تداويت من ليلى بليلى ... ......................
وقد أتيت بذلك على ترتيب المنازل، وذكرت ما يختص بالمكان والوقت من الفضائل، وبينت فيه المشروع من المناسك، وحليت ذلك بالأحاديث الفائقة والأشعار الرائقة، ثم ذكرت من أخبار المدينة وزيارة الرسول ﷺ طرفًا يحوي طرفًا، ثم أتبعت ذلك بذكر الاتعاظ بالأجداث، وتلوته بمستحسن ما كتب على القبور، ثم ختمت الكتاب بكلمات من الحكم تتضمن مواعظ بليغة؛ ليكون هذا المجموع جامعًا للفن الذي قصدته مع أني قد أجريت فيه إلا
1 / 57