بسم الله الرحمن الرحيم
قال الفقيه سديد الدين أبو القاسم عبد الوهاب بن الحسن بن بركات المهلبي: نظمت مثلث قطرب في قصيدة قلتها أبياتا على حروف المعجم، وهي ثلاثون نوعا، في كل بيت منها نوع، ينقسم على ثلاثة أقسام: مفتوح ومكسور ومضموم، باختلاف المعنى، يدل كل بيت على شرح ما تضمنه من اللغة، إشارة واختصارا وتذكارا؛ ليسهل حفظه، وهي هذه:
يا مولعا بالغضب ... ... والهجر والتجنب
حبك قد برح بي ... ... في جده واللعب
الهجر: الترك والانقطاع، قال الله تعالى: [واهجرهم هجرا جميلا] (¬1)، وقال سبحانه: [والرجز فاهجر] (¬2)، وقال الشاعر:
فهجرت من أهواه لا لملالة ... ... حدثت ولا استحدثت ذنبا فاحشا
والتجنب: البعد والمفارقة، قال الله تعالى: [واجتنبوا قول الزور] (¬3)، وقال العباس بن الأحنف:
راجع أحبتك الذين هجرتهم ... ... إن المتيم قل ما يتجنب
والجد: ضد الهزل، قال تأبط شرا:
إذا المرء لم يحتل وقد جد جده ... أضع وقاسى أمره وهو مدبر
صفحه ۹
واللعب: معناه العبث، وهو مقرون باللهو، وهما مكرران في نمط لا يفارق (¬4) أحدهما الآخر من نفس المتعلقين به، وهو الأشر (¬5) والبطر والمرح ، وقيل إن اللاعب هو السابح في الماء بيديه إذا مر من الماء في كل وجهة، لقوله تعالى : [ فذرهم يخوضوا ويلعيوا ] (¬1) ، وقال جل ذكره : [ الذين هم في غمرة ساهون ] (¬2) فالغمرة هنا ما غمر من الماء ، والساهي : اللاعب الغافل عما يراد به ، وقيل : يخوضوا ويلعبوا ، أي : يخوضوا فيماء شاؤا من القول ، فمن ذهب إلى خوض الماء كتبه بالضاد ، ومن ذهب إلى الخوظ في الحديث كتبه بالظاء ، قال الشيخ الإمام أبو عبد الله المعروف بالحضرمي في في معشراته في حرف الظاء :
ظلام على صبح وغصن على نقا ... ... هنالك يختال الفتى ويخوظ
/ قوله يختال : يعني يتيه ويعجب ، فالاختيال والخيلاء هما العجب والكبر 2 ب والفاعل مختال ، وفيه لغة أخرى ، وهي مخيلة ، وهي العجب أيضا والكبر ، قال امرؤ القيس :
لعمرك ما إن ضرني وسط حمير وأقوالها إلا المخيلة والسكر
يعني ما ضرضني وآذاني إلا أطراف حمير وايذاؤها (¬3) من الناس ؛ لأن الوسط بسكون السين الطرف من كل شيئ ، وبتحريكها الوسط من كل شيئ ، قال عنترة في الطرف :
ما راعني إلا حمولة أهلها وسط الديار تسف حب الخمخم
راعني : أفزعني ، والحمولة بفتح الحاء : الإبل الحوامل ، تكون جمعا (¬4) وواحدة وقيل الجمع حمول بغير هاء ، والواحدة بالهاء ، قال الله تعالى : [ ومن الأنعام حمولة وفرشا ] (¬5) ، وقال امرؤ القيس :
حي الحمول بجانب العزل إذ لا يلائم شكلها شكلي
رجعنا إلى شرح بيت عنترة ، قوله : تسف : تأكل ، وكذلك تلس لسا ، أي : ترعى رعيا شديدا ، قال ابن دريد :
صفحه ۱۰
والناس للدهر خلى يلسهم وقلما يبقى على اللس الخلا والخمخم : نبات له حب تأكله الدواب ، واحده خمخمة ، وبرح : بلغ غايته في المشقة ، وقيل : الحزن ، قال الشاعر :
... برحت قلبي تبارح الأسى ... ... أواه من حر الهوى لو خمدا
حرف الألف
إن دموعي غمر ... ... وليس عندي غمر
يا أيهاذا الغمر ... ... أقصر عن التعتب
الغمر بالفتح : الماء الكثير ، قال الشاعر : ... ... ...
عطايا بني حمدان كالبحر جمة ... وأيديهم كالعارض الغمر في المحل
والغمر بالكسر : الحقد ، قال الغنوي :
أيام سليم القلب في كل حالة ... ... له جؤد ولم يحو غمرا ولا حقدا
والغمر بالضم : الرجل القليل الحيلة ، والذي لم يجرب الأمور ، وجمعه /أغمار ، قال أبو ذؤيب : ... ... ... ... ... ... ... 3 أحليم عن الذنب الذي فيه مهلك ... لجارمه لا بالشحيح ولا الغمر
حرف الباء
بدا وحيا بالسلام ... ... رمى عذولي بالسلام
أشار نحوي بالسلام ... وكفه المختضب
السلام بالفتح : التحية بين الناس ، قال الشاعر (¬1) :
أظلوم إن مصابكم رجلا أهدى السلام تحية ظلم
والسلام بالكسر : الحجارة ، قال لبيد :
فمدافع الريان عري رسمها خلقا كما ضمن الوحي سلامها
والسلام بالضم : عظام ظهر الكف ، قال الشاعر :
كأن اليراع وقد مسها ... ... سلاماه لدن غداة الوغى (¬2)
والوغى لغتان ، وأصله اختلاف الأصوات في الحرب ، وفيه لغة أخرى ، وهي الوعى بعين غير معجمة ، قال الشاعر في قصيدة خالية من النقط :
وكلما صال العدا ... ... أو أسس الطلس الأسد
صفحه ۱۱
هدى دهماء الوعى ... ... وحل أمراس الأسد الطلس : الذئب ، هدى : سكن ، دهماء : أصوات ، الاختلاف يقال : هدأت الضوضاء : أي سكنت الجلبة ، والدهماء من ألوان الحيوان السوداء ، وتكون بمعنى عوام الناس واختلاطهم ، قال الشاعر :
أرى الحسو والدهماء أضحت كأنها ... ... شعوب تلاقت بيننا وقبائل
حرف التاء
تيم قلبي بالكلام ... ... وفي الحشا منه كلام
فسرت في ارض كلام ... ... لكي أنال مطلبي
قوله : تيم : استعبد ، قال حسان :
لشعثاء التي قد تيمته ... فليس لقلبه منها شفاء
/ ومنه تيم اللات أي عبد اللات ، واللات صنم ، قال الله تعالى : [ أفرأيتم 3 ب
اللات والعزى ] (¬1) ، فالكلام بالفتح : الكلام بعينه ، قال الله سبحانه : [ حتى يسمع كلام الله ] (¬2) ، وقال علقمة الفحل :
ممنعة لا يستطاع كلامها (¬3) ... على بابها من أن تزار رقيب
والحشا : الجنب ، والخصر ، والكشح ، والقرب بفتح القاف ، والإطل بكسر الهمزة وسكون الطاء ، والأيطل ، والخاصرة ، والشاكلة .
والكلام بالكسر : الجرحات ، قال الشاعر :
فأبقت في جوارحه كلاما ... ... بأسياف تجردها العيون
والكلام بالضم : الأرض الصلبة ، قال مهيار يصف بعيرا :
قطعت به الكلام بكل فج ... ... إلى أن حل بي خيم الحسان
حرف الثاء
ثبت لأرض حرة ... ... معروفة بالحرة
فقلت يا ابن الحرة ... ... ارث لما قد حل بي
قوله :ثبت : نهضت وأسرعت ، قال ذو الرمة يصف الناقة :
صفحه ۱۲
تصغي إذا شدها بالرحلش جانحة حتى إذا ما استوى في غرزها تثب (¬4) قوله تصغي : أي تميل برأسها ، وفيه لغتان : أصغى يصغي إصغاء ، فهو مصغ ووزنه من الأفعال أفعل ، ولامه معتلة ، وهو رباعي ، واللغة الثانية صغى على وزن فعل صغى صغوا بفتح أوله ؛ لأنه ثلاثي ، ولامه معتلة أيضا ، والفاعل منه صاغ ، وكلا اللغتين بمعنى الميل ، قال الأعشى يصف الناقة :
ترى عينها صغواء في جنب مؤقها تراقب في كفي القطيع المحرما
وقوله : الرحل : أداة البعير كالقتب والمشاجر (¬1) وما شاكلها ، وقوله : جانحة : أي مائلة ، وجنحت الشمس إذا مالت للمغيب ، ومنه قوله : [ وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ] (¬2) أي مالوا ، وقوله : استوى : علا واطمأن واعتدل ، والاستواء العلو والاعتدال / ومنه قوله تعالى : [ فاستوى على سوقه ] (¬3) فالحرة بالفتح 4أ أرض فيها حصى أبيض وأسود ، قال الشاعر :
وبالحرة الفيحاء من آل خثعم ... عرون لها فما طراف ممدد
الفيحاء : الواسعة ، والجمع فيح ، قال الشاعر (¬4) يصف قطاة :
... فناحت وفرخاها بحيث تراهما ومن دون أفراخي مهامه فيح
والحرة بالكسر : أشد ما يكون من العطش ، قال سويد :
فأنفقت من حرة غلتي ... ... وأطفأت بالجود نار الحشا
الجود بفتح الجيم : المطر العام ، قال لبيد :
صفحه ۱۳
رزقت مرابيع النجوم وصابها ودق الرواعد جودها فرهامها (¬1)
والحرة بالضم : الخالصة من النساء ، قال الشاعر :
هي الحرة الوجناء وابن ملمة ... وجاش على ما يخفض الجأش خافض
قوله : ارث : ارحم ورق ، قال حميد :
فعلنا بهم ما قد فعلنا لدى الوغى ... إلى أن رثتنا للامام القواعد
حرف الجيم
جدنا الأديم حلم ... ... وما بقي لي حلم
ولا هنا لي الحلم ... ... مذ غبت يا معذبي
قوله : جد أمر من الجود (¬2) ، قال الشاعر :
أشاروا بتسليم فجدنا بأنفس تسيل من الآماق والسم أدمع (¬3)
قوله : السم : يعني الاسم ، قال الشاعر :
باسم الذي في كل شيئ سمه ... يعلم ما تبدي وما تكتمه (¬4)
فالحلم (¬5) بالفتح فساد الأديم وفعله ، قال أبوالطمحان :
صفحه ۱۴
رجوا شرفا ولهم أديم ... ... به حلم فكيف يكون ذاكا
والحلم بالكسر: الاحتمال ، قال الشاعر :
لهم بأس كأسد الغاب تحمي ... مرابضها وحلم كالجبال
والحلم بالضم : الحلم في النوم ، قال الشاعر :
/ تيمنتكم حتى إذا ما لقيتكم ... ... بمضجع حلمي دام لي ذلك الحلم 4 ب
حرف الحاء
حمدت يوم السبت ... ... إذ جاء مخذي السبت
على نبات السبت ... ... في الفدفد المستصعب
فالسبت بالفتح : من الأيام ، قال الشاعر :
تولوا غداة لا كان من غد ... ... ويا ليت يوم السبت لم يك يخلق
والسبت من السبات وهو الراحة ، لقوله تعالى : [ وجعلنا نومكم سباتا ] (¬1) ، والسبت بالكسر : النعال اليمانية ، قال الشاعر يصف ناقته :
تنوش بها من تحتنا العيس سبتها ... ... إذا جاوزت غيطان شيح ونوفل (¬2)
الشيح والنوفل نبتان طيبا الريح .
(والسبت بالضم : نبت يشبه الخطمي ، قال الشاعر يصف ....... (¬3) والفدفد : ما اتسع من الأرض ، وجمعه فدافد ، قال الشاعر :
مرتميات بها إلى ابن عبيد الله ... ... غيطانها وفدافدها
حرف الخاء
صفحه ۱۵
خد في يوم السهام ... ... قلبي بأمثال السهام كالشمس إذ ترمي السهام ... ... بضوئها واللهب
قوله خدد : شقق ، قال الشاعر :
مال الخدود بصحنها أخدود ... ... للدمع في توريدهن ورود
فالسهام بالفتح : شدة الحر ، قال الشاعر :
فسار بها في الركب يلفح وجهه ... سهام سراب لا يبوخ لهيبه
والسهام بالكسر : النبل والشهاب ، قال الشاعر :
... رمت قلبه أسماء عن قوس حاجبه ... ... بدعج كأمثال السهام الصوائب
والسهام بالضم : لهاب الشمس ، قال الشاعر :
فأوفيت في مرقب مشرف ... ... سهام الغزالة فيه ثكن
قوله أوفيت : علوت ، قال الشاعر :
لو تراه يا أبا حسن ... ... قمرا أوفى على غصن
وقال آخر :
ساروا فيمن قمر بدر ولا قمر ... موف على غصن لدن ولا غصنا
/ قوله : ثكن : كل مجتمع من طير وغيره ، يقال لها : ثكنه ، والجمع : 5 أثكن ، قال الشاعر يصف البازي والقطا :
يسافع ورقاء غورية ليدركها في حمام ثكن (¬1)
قوله : يسافع : يجاذب ويطارد ، والسفع فيه معنيان ، أحدهما : الأخذ الشديد ، كقوله تعالى : [ لنسفعا بالناصية ] (¬2) أي لنأخذن بها ، قال الشاعر :
وعزم إذا وجهته لك منجح ... ... بناصية الأمر الذي رمت سافع
والمعنى الثاني : تأثير النار ، يقال : سفعته النار إذا أثرت فيه سوادا ، ومنه قيل لأثافي القدر : سفع ؛ لسوادها ، وتأثير النار فيها ، قال زهير :
أثافي سفعا في معرس مرجل ونؤيا كجذم الحوض لم يتثلم
ويقال : خد أسفع ، وبه يوصف الثور الوحشي ، قال الشاعر يصف الناقة :
كأنها أسفع الخدين أدركه ... ... بالسي أغضف في أنيابه لصص
والسي أيضا : المثل ، يقال : هذا سي هذا ، أي مثله ، والسي بالفتح : اللبن ، قال الشاعر :
ويختلب السي من خلفها ... ... الزغب لزغب القطا جرع
حرف الدال
دعوت ربي دعوة ... ... لما أتى بالدعوة
وقال عندي دعوة ... ... إن زرتني في رجب
فالدعوة بالفتح : النداء ، قال الشاعر :
صفحه ۱۶
هبوا لي دعوة يا آل قيس ... ... عسى ما بي يزول من الغرام
والدعوة بالكسر : الرجل يدعى إلى قوم ، وليس منهم ، قال الشاعر :
أتعزى إلى قوم سفاها وشقوة ... وهاتيك عمري والله دعوة باطل
( مني : ربما وهاتيك عمر الله 0000 )
والدعوة بالضم : ما يدعى إليه بالطعام وغيره ، قال الشاعر :
جعلناهم يوم الأحيدب دعوة ... ... لكل عقاب أفتخ الريش قشعم
قوله الأفتخ : اللين الجناح ، يقال : عقاب فتخاء ، إذا كان لين الجناح ، قال امرؤ القيس :
كأني بفتخاء الجناحين لقوة صيود من العقبان طأطأت شملالي
والفتخ أيضا يكون كدرة في ريش الطائر ، وسواد الليل كالربدة ، يقال : / 5 ب أفتخ إذا ضرب إلى السواد ، قال الشاعر :
سوى وظلام الليل أقتم أفتخ ... ... ضجيع مهاد بالعبير مطمخ
ويقال للحلقة التي تكون في الأصبع من فضة : فتخاء ؛ للينها ، واللقوة بكسر اللام : من صفات العقاب ، وبفتحها : داء يصيب الرجل في كفه ، ورجب : الشهر المعروف ، مشتق من قولهم : رجبت الرجل : إذا أكرمته وعظمته ، سمي بذلك لكرامته وتعظيمه ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : رجب شهر الله الأصم ، تنصب فيه الرحمة صبا ، ومن ذلك قيل للأصابع : الرواجب ، واحدتها رجبة ؛ لأنها أشرف ما في الكف ، ولولاه ما كان بالكف انتفاع ، قال الشاعر :
فقلت لا ترجبيه فإنه ... ... هو الوغد من جنس القداح الخسائس
ألوغد : أصله من القداح ، وهو آخرها ، وأخسها ، ولا نصيب له ، وبه يذم الرجل الخسيس ، وأعلاها وأشرفها وأكثرها حظا المعلا ، وهو السابع إذا خرج أحد نصيب سبعة ، وبه يمدح الملك ، والجزيل الحظ ، قال الشاعر :
له السهم المعلا والمعانى ... ... فقد أوفى على كل الرجال
حرف الذال
ذلقت نحو الشرب ... ... فلم أذد عن شربي
صفحه ۱۷
فانقلبوا بالشرب ... ... ولم يخافوا غضبي ذلقت : أسرعت ، من قولهم : لسان ذلق ، أي سريع في الخطاب والجواب ، وانذلقت الفتوح في الحرب: إذا أسرع بعضهم إلى بعض ، وسنان ذلق بكسر اللام : أي حاد ماض ، وانذلق النصل من غمده : إذا سقط من غير سل ، قال الشاعر :
يكاد ينذلق السيف الجوان إذا ... جاءوا إلينا بلا سل به وجريده
الجوان : القاطع الذي إذا مر على شيء لا يبقي ولا يذر ، قال الشاعر :
كفرندي فرند سيفي الجوان ... ... لذة العين عدة البران
فالشرب بالفتح : اجتماع القوم للشرب وغيره ، قال الأعشى واسمه ميمون بن قيس :
/فقلت للشرب في درنا وقد ثملوا شيموا وكيف يشيم الشارب الثمل 6أ
قوله : شيموا ، انظروا ، ولا يكون الشيم إلا في شيئين ، وهما : السحاب ، والبرق خاصة ، وقال علقمة الفحل في الشرب أيضا :
قد أشهد الشرب فيهم مزهر رنم والقوم تصرعهم صهباء خرطوم
قد تقدم شرح الشرب ، والمزهر : هو العود الذي يغنى به ، ورنم : مصوت من الرنيم ، وهو صوت الوتر ، والمترنم : المغني ، والصهباء : من الخمر الذي يضرب لونها إلى الصهوبة ، وهي الشقرة ، والخرطوم : السلافة ، والسلاف : أول ما يعصر منها ، وخرطوم كل شيء : أوله ، وكذلك أنفه ، قال امرؤ القيس يصف الفرس :
قد غدا يحملني في أنفه لاحق الإطلين محبوك ممر
اللاحق : الضامر ، والأطلان : أحدهما أطل ، بسكون الطاء ، والجمع آطال ، وفيه لغة أخرى وهي أيطل بفتح الطاء ، وجمعه أياطل ، والمحبوك : الممسود القوي المحكم ، والممر : الشديد الفتل ، من المرة ، وهي القوة ، قال تعالى : [ ذو مرة ] (¬1) ، أي قوة ، قوله أزد : أي أطرد وأمنع ، قال زهير بن أبي سلمى في معلقته :
صفحه ۱۸
ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم يقال ذدت القوم : أي منعتهم ، ومنه قوله تعالى : [ ووجد من دونهم امراتين تذودان ] (¬1) أي يمنعان ويطردان أغنامهما ، وتصريفه من الأفعال : ذاد يذيد ذيادا ، فهو ذائد وذدت ، وأنا أذود .
والشرب بالكسر : النصيب ، قال الشاعر :
فقلت لهم جيئوا بشربي موفرا ... فإني لعمرو الله لا أرض ناقصا
والشرب أيضا موضع الماء ، قال الشاعر :
فلما وردنا منهلا من سويقة ... ... خصصت بشرب دونهم غير أكدر
وقوله انقلبوا : انصرفوا من جهة إلى جهة ، قال الله تعالى : [ وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين ] (¬2) ، [ وينقلب إلى أهله مسرورا ] (¬3) / أيضا كما تنصرف 6ب
الجارية على فراشها إذا انقلبت من جهة إلى جهة ، قال الشاعر :
إذا انقلبت فوق الحشية مرة ترنم وسواس الحلي ترنما (¬4)
قوله ترنم : صوت ، والوسواس : صوت الحلي ، وأصله الحركة ، كقوله تعالى : [ الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس ] (¬5) أي يحرك ، وقال الأعشى :
تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت كما استعان بريح عشرق زجل
قوله استعان : أي استنجد ، والإعانة : النجدة ، يقال : استعنت بفلان : أي استنجدت به ... ، وتقويت به ، والعشرق : شجرة مقدار ذراع ، لها حب يابس ، إذا مرت به الريح صوت ، فشبه صوت الحلي بها ، وقوله زجل : مصوت ، والزجل : الصوت العالي .
والشرب بالضم : الشرب بعينه ، قال الشاعر :
إذا شربوا العقار رأيت شربا ... ... نكيرا ليس يشبهه الدواب
حرف الراء :
رام سلوك الخرق ... ... مع الظريف الخرق
إن بيان الخرق ... ... منه ركوب السبسب
قوله رام : طلب والتمس ، قال النابغة :
صفحه ۱۹
فيا عجبا من عبد عمرو وبغيه لقد رام ظلمي عبد عمرو فأنعما
قوله فأنعما : أي بالغ ، من قولهم : سحقت الدواء فأنعمته ، أي بالغت في سحقه ، وقوله سلوك : قطع ودخول ، قال زهير :
بان الخليط ولم يأووا لمن تركوا وزودوك اشتياقا أية سلكوا
فأما الخرق بالفتح : الصحراء البعيدة الأطراف ، وهي أيضا مما اتسع من الأرض ، قال علقمة الفحل :
وأقطع الخرق بالخرقاء يسفعني يوم تجيء به الجوزاء مسموم (¬1)
الخرقاء : الناقة ، سميت بذلك لهدجها في السير ، وهو سرعته وعجلتها ، ومنه قيل للمرأة الحمقاء لعجلتها في الكلام ، وفيما تعاينه على غير قصد ولا عقل ، والخرقاء من النساء أيضا التي / تضع الشيء بغير علم فتفسده ، ومنه قيل 7 أللدنيا خرقاء ؛ لما تأتي به من الفساد ، قال الشاعر يصف الدنيا :
با أمنا الدنيا تذم فعالها ... ... وهي الصناع وكفها خرقاء
الصناع : الأنثى خاصة ، وهي التي تصنع بيدها في الصلاح ، فإن أفسدت فهي خرقاء ، ورجل صنع إذا كان يعمل بيده .
والخرق بالكسر : الشاب الكامل في جماله ، قال الشاعر :
ولقد شربت على الظلام بمغشم ... خرق من الفتيان غير مهبل
قوله المغشم : الرجل المتفرس ، أي له فراسة ، يقال : عشمت فيه خيرا : أي تفرسته فيه ، لقوله عليه الصلاة والسلام : ( إحذروا فراسة المؤمن فيكم فإنه ينظر بنور الله ) (¬2) ، وقال البحتري :
هل فيكم من واقف متفرس يعدي على نظر الظباء الأنس (¬3)
والفتيان : جمع فتى ، وهو الجامع للمحامد ، قال الشاعر :
صفحه ۲۰
بفتيان يرون القتل مجدا وشيب في الحروب مجربينا (¬1)
والفتى ممدود ، قال الشاعر :
إذا جاز الفتى خمسين عاما فقد ذهب اللذاذة والفتاء (¬2)
وقوله : غير مهبل : أي غير مدعو عليه بالهبل ، وهو الثكل ، يقول : إنه سري يعني محمود الأوصاف ، مطاوع ، لم يحتج إلى العاء عليه ، والعرب تقول في الدعاء على الرجل : هبل ، ولأمه الهبل ، يعنون الثكل ، وهو الفقد والحزن ، قال امرؤ القيس يصف ثور وحش أمسكه كلب صيد :
فأنشب أظفاره في النسا فقلت هبلت ألا تنتصر
قوله أنشب (¬3) : أدخل وأولق ، والنسا بفتح النون مقصور : عرق في الساق ، أي انشب كلب الصيد أظفاره في نسا الثور ، وقوله : هبلت : دعاء عليه ، وقال الشاعر أيضا في الهبل :
جاز حدود اجتهاده فأتى غير اجتهاد لأمه الهبل (¬4)
وخصت الأم بالهبل لأن العرب تفعل ذلك ، فالأم على معنيين / أحدهما :أن 7 ب أم كل شيء رأسه ، فأراد لأمه الهبل يعني رأسه ؛ لأنه إذا عدم رأسه فقد عدم كله ، إذا كانت أم الدماغ أصل الجسد ، ومنه قوله تعالى : [ فأمه هاوية ] (¬5) وقال بعض المفسرين : أراد أم رأسه تسقط في النار ، قال الشاعر :
صفحه ۲۱
هوت أمهم أنى يريدون مالكا ... ومن دونه بيض يمانية زلق وهوى الشيء : إذا سقط من عال إلى أسفل ، وكذلك يهبط ، قال الله تعالى : [ والنجم إذا هوى ] (¬1) ، وقال سبحانه : [ اهبطوا مصرا ] (¬2) والمعنى الثاني : أمه التي ولدته ، فإذا قالت العرب للرجل ذلك ، تكون قد أرادت أحد المعنيين ، وأم الطريق أيضا : معظمها ، وأم القرى : مكة تعظيما لها وتشريفا .
والخرق بالضم : الجهل والحمق ، قال كثير عزة :
ألمم بعزة إن الركب منطلق وإن تركك إلماما بها خرق (¬3)
السبسب : وهو من المعكوس ، يقال : سبسب ، وبسبس ، وهو المفرط في الاتساع المنخرق ، وجمعه سباسب ، وعكسه بسابس ، قال أبو تمام :
سلي هل عمرت القفر وهو سباسب وغادرت ربعي من ركابي سباسبا (¬4)
وقال الشاعر :
قطعت بسابسا لا نبت فيها ... ... وجبت مهامها شبه الملاء
حرف الزاي :
زاد كثيرا في اللحا ... من بعد تقشير اللحا
لمأ رأى شيب اللحا ... ... صرم حبل السبب
فأما اللحا بالفتح : الملاحة ، وهو الاختلاف في الرأي ، قال حسان :
نوليها الملاحة إن ألمنا ... ... إذا ما كان مغثاء لحاء
واللحاء بالكسر : إزالة قشر العود عنه ، قال البحتري :
إذا نضون شفوف الريط آونة قشرن عن لؤلؤ البحرين أصدافا (¬5)
واللحا أيضا جمع لحية ، قال الشاعر :
اتوا نيلنا مرد العوارض واستوى ... بأوجههم منا لحا وشوارب
واللحى بالضم : جمع لحي ، وهو العظم الذي تنبت فيه اللحية ، قال حسان :
صفحه ۲۲
ولما رأينا آل عمرو تقدموا ... بأيديهم بيض تقلبها اللحى / والسبب : هو كل ما يتوصل به إلى المطلوب ، كما تقول : جعلت فلانا 8 أسببا لحاجتي ، أي وصلة ، وجمعه أسباب ، والأسباب في غير هذا : نواحي الشيء وجوانبه من عال وسفل ، فأما الأسباب العلوية ، فقوله تعالى : [ لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات ] (¬1) يريد نواحي السماء ، وقيل : أبوابها ، وأما الأسباب السفلية ، فقوله تعالى : [ فأتبع سببا ] (¬2) أي ناحية من الأرض ووجهة منها ، والأسباب من الفازة أطنابها ، والفازة : الخيمة ، قال الشاعر :
ضربنا لهم غدوة فازة ... ... جعلنا الأعنة أطنابها
وقال الشاعر في الفازة :
وأحسن من ماء الشبيبة كله حيا بارق في فازة أنا شائمه (¬3)
وكذلك الآفاق ، وهي معنيان ، فالآفاق العلوية : نواحيها ، قال الشاعر :
ولست مدركا آفاقها ... ... وكيف وأنت من الأسفلينا
يعني لست مدركا سماء مجدنا ومنزلتنا ، إذ لم تزل حامل الذكر ، قال الشاعر :
لو نال حي بجود أو بمكرمة ... ... أفقه السماء لنالت كفه الأفقا
والآفاق السفلية : نواحي الأرض ، قال الله تعالى : [ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ] (¬4) وفي هذه معنيان ينطلقان على العلوي والسفلي ، والآيات : العلامات ، واحدتها آية ، وجمعها آي بغير هاء ، وقد تكون للواحد وللجمع ، لأنك تقول : ساح وساحة ، وباح وباحة ، وراح وراحة ، فالأول جمع ، والثاني واحد ، قال جرير :
ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح
والأقطار أيضا كذلك ، قال الله تعالى : [ يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض ] (¬5) .
حرف السين :
سار مجدا في الملا ... ... وأبحر الشوق ملا
صفحه ۲۳
ولبسه لين الملا ... ... فقلت يا للعجب الملا بالفتح الذي ليس بهمز : فالصحراء الواسعة ، التي لا نبت فيها / ولا 8ب جبل ، وأما الملأ بالهمز : فالجماعة من الناس ، قال أبو بكر بن دريد الأزدي :
سيضيق متسع الملا بالمخرجين من الملاء
وقال آخر :
إذا ورد الملا أبناء زيد ... ... حسبت الأرض قد ملئت جبيلا
والملاء بالكسر : جمع ملئ الإناء ، قال الشاعر :
قريناهم عشية يممونا ... ... جفانا من عقائلنا ملاء
قوله عقائلنا : أي كريم إبلنا ، والعقيلة : الكريمة من كل شئ ، والمرأة عقيلة قومها ، قال الشاعر :
عقيلة أتراب لها لا ذميمة ولا ذات خلق إن تأملت جأنب (¬1)
الأتراب : القرناء في السن ، وكذالك اللدات ، يقال : فلان لد فلان : أي قرنه ، والدميم غير معجمة الدال : القصير الحقير ، والذميم بالذال المعجمة : المذموم من كل شيء ، والذم والذام والذميم ثلاث لغات بمعنى العيب ، فالذم الأول مشدد الميم ، والباقيتان مخففتان ، قال الشاعر :
الحمد للمرء زين طول مدته ... ... والذم يورثه من بعده ندما
وقال الشنفرى في الذم المخفف الميم :
ولولا اجتناب الذام لم يلف مشرب يعاش به إلا لدي ومأكل
يعني لولا اجتنابه العيب لما وجد مأكولا ومشروبا إلا عندي ، قال الشاعر في الذميم بالياء :
وما في المرء ذيم أن تراه ... ... يجود بماله قبل السؤال
والملاء بالضم : جمع ملا من الملاحف ، قال امرؤ القيس :
فعن لنا سرب كأن نعاجه عذارى دوار في ملاء مذيل
وقال آخر :
فبينا نعاج يرتعين خميلة كمشي العذارى في الملاء المهدب (¬2)
حرف الشين :
شكل كوفق شكلي ... ... يتمنى بالشكل
وغلني بالشكل ... ... في حبه وأضر بي
فالشكل بالفتح : المثل ، والشبه ، قال الشاعر :
صفحه ۲۴
فجاءت بها شبلا يشاكل ضيغما ... كذلك الليث يأتي الشكل ( ربما بالشكل ) والشكل بالكسر : الدل والغنج ، قال عمارة بن عقيل :
/ ... إذا ما رنت أبدت لنا عن لواحظ ... يناديك منها الشكل والبر لا لعا 9أ
قوله لا لعاهي : هي كلمة تقال للتأثر في الدعاء له اسلم ، وقيل سلامة ، وفي الدعاء عليه بضد ذلك ، وقوله غلني : جمع غل ، وأصل الغل جمعك الشيء بشيء ليمنع من التصرف فيه ، وجمعه أغلال ، قال الشاعر :
والتي فيه غلا ليس منه ... ... نجاة للمقيد ذي الهلاك
وقال في الجميع :
متى تذر الأرحبي وهو ضئيل ... في أربعة جاء المناسم أغلال
وقال تعالى : : [ إذ الأغلال في أعناقهم ] (¬1) قوله الأرحبي فيه معنيان :
أحدهما : منسوب إلى أرحب ، وهو فحل كانت العرب تتخذه للنتاج ، فنسب إليه ، كما أن أعوج فحل تنسب إليه الخيل الأعوجية ، وقيل : سمي أعوجا لآنه ركب قبل استحقاق ركوبه ؛ فاعوجت قوائمه ، فسمي بذلك .
والمعنى الثاني : أرحبي قيل منسوب إلى أرض ، وقيل إلى قبيلة ، والضئيل : الصغير الجسم من هزال أو خلقة ، قال الشاعر :
ضئيل الجسم لا سقم عراه ... ... ولكن قلبه كالفهد صلد
والشكل بالضم : جمع شكال ، قال الشاعر في واحده :
وكل ذؤابة في رأس خود ... ... تمنت أن تكون له شكالا
وقال في الجمع :
عددت لها من الأسنان شكلا ... ... من المسد الذي ما فيه لين
حرف الصاد :
صاحبني وصرة ... ... في ليلة ذي صرة
وما بقي في صرة ... ... خردلة من ذهب
فأما الصر بالفتح : فالجماعة من الناس ، قال الله تعالى : [ فأقبلت امرأته في صرة ] (¬2) ، وقال الشاعر :
تبدت لنا في صرة خنذفية ... ... كما قد تبدت بين أنجمه البدر
والصرة بالكسر : الليلة الباردة ، قال الشاعر يصف حمار وحش :
فأوردوها ما بليلة صرة ... ... كأن عليه العرمظ الورس عندم
صفحه ۲۵
قوله أوردوها : ما فيه معنيان ، أحدهما : الإشراف على الماء ، كقوله تعالى : [ ولما ورد ماء مدين ] (¬3) أي أشرف عليه ، وقوله سبحانه : [ وإن / منكم 9 ب إلا واردهأ ] (¬1) فهذا يحتمل شيئين : الإشراف عليها ، والدخول فيها ، والمعنى الثاني يكون بمعنى الدخول في الشيء ، والتناول منه ، والعرمظ : الطحلب الذي يطفو على وجه الماء المنقطع الجرية ، والورس بالسكون ، وقيل الورس شيء أصفر ، فقوم يذهبون إلى أنه الزعفران ، وقيل هو صبغ أصفر ، وتورس الشيء : إذا علته صفرة ، والوارس : المتصفر من المرض وغيره ، وقال امرؤ القيس يصف حوافر الفرس وصلابتها ، وشبهها بحجارة في ماء مطحلب ؛ فتورست وتصلبت ، والحجر إذا كان في الماء كان أصلب له :
ويخطو على صم صلاب كأنها حجارة غيل وارسات بطحلب
قوله : يخطو : أي يطأ ، والصم : الصلبة ، يعني حوافره ، ولم يجر لها ذكر ، بل أقام الصفة مقام الموصوف ، والغيل : الماء القليل المنقطع ، والغيل في غير هذا : لبن المرأة الحامل إذا أرضعت منه الصبي ، فهو مغيل بفتح الياء ، وقيل لأمه مغيل بكسر الياء ، قال الشاعر :
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع فألهيتها عن ذي تمائم مغيل (¬2)
والصرة بالضم :الصرة التي يصر فيها ، قال الشاعر :
لهم أيد تعودن العطايا ... ... فليس بصرة فيها مشوف
وخرذلة بذال معجمة وغير معجمة لغتان ، فالمعجمة الذال : يقال : خرذل اللحم إذا قطعته صغارا ، قال كعب بن زهير يصف الأسد :
يغدو فيلحم ضرغامين قوتهما لحم من الناس معفور خراذيل (¬3)
حرف الضاد :
ضمنته نبت الكلا ... ... بالحفظ مني والكلا
فشح قلبي والكلا ... ... عمدا ولم يرتقب
قوله : ضمنته : أودعته ، قال الشاعر :
وضمنتهم يوم استقلوا لبينهم ... فؤاد كئيب بالأحبة مولع
فأما الكلا بالفتح : فكل ما يرعى من النبات ، وأصله الهمز ، قال الشاعر :
صفحه ۲۶
قطعت بها أرضا تشق على الذي ... ... يسر بها ليس الكلا من نباتها
/ والكلا بالكسر: جمع كلاة ، وهي الحفظ والرعاية والحراسة ، يقال : كلأ 10 أالله فلانا : أي حفظه ورعاه ، ومنه قوله تعالى : [ قل من يكلأكم بالليل والنهار من الرحمن ] (¬1) أي يحفظكم ، قال الشاعر :
فسيري في كلاة من تعالي ... ... على أعلى العلى وبه نعوذ
والكلا بالضم : جمع كلية ، وهي من المزادة المرتعة التي في أسفلها قال غيلان تيمي (¬2) ( هكذا ) يصف القربة :
ما بال عينيك منها الماء ينسكب كأنه من كلى مفرية سرب
قوله مفرية : في موضع مفروة فعيل بمعنى مفعول ، ومفرية بمعنى مخروزة ، يقال : فريت القربة والمزادة إذا خرزتها ، ويقال سرب : فيه معنيان ، من فتح السين كان بمعنى الموضع الذي سرب منه الماء ، ومن كسرها كان بمعنى سيلان الماء ، يقال انسرب الماء انسرابا فهو منسرب أي سائل .
حرف الطاء :
طارحني بالقسط ... ولم يزن بالقسط
لي فيه عرف القسط ... ... والعنبر المطيب
فأما القسط بالفتح : فالجور ، قال الشاعر :
وما في حكمنا قسط وحيف ... ... ولا في قولنا هجر ومين
والقسط بالكسر : العدل ، قال الشاعر :
صفحه ۲۷
ملك مقسط وأكمل من يم شي ومن دون ما لديه الثناء (¬1)
وقال آخر :
وما القسط إلا ديننا حين حكمنا ... ولا خير فيمن لا يرى الدهر مقسطا
قال الله تعالى : [ وأقيموا الوزن بالقسط ] (¬2) أي بالعدل .
وأما القسط بالضم : فهو الذي يتبخر به ، قال الشاعر :
أتجعل صفوانا كخالد ذي العلا ... وما يستوي المسك المروح والقسط
حرف الظا :
ظبي ذكي العرف ... ... وآخذ بالعرف
وآمر بالعرف ... ... سامي رفيع الرتب
/ قوله ذكي : حاد الخاطر ، ومنه الذكاء بالمد ، وهو حدة الخاطر ، 10 ب وسرعة الحفظ ، واشتقاقه من الذكا مقصور ، وهو النار ، وذكاء ممدود ومضموم الأول من أسماء الشمس ، قال الشاعر :
قلق المليحة وهي مسك هتكها ومسيرها في الليل وهي ذكاء (¬3)
فالعرف بالفتح : الرائحة الطيبة ، يقال : عرف الله ثناءك وذكرك : أي طيبهما ، ومنه قوله تعالى : [ ويدخلهم الجنة عرفها لهم ] (¬4) أي طيبها ، قال الشاعر :
وإني لا أزال إليك أهدي ... ... مدائح عرفت فيك الثناء
وقال آخر :
إذا وصفتك بين القوم في مدح ... فقد أتيت بعرفك المسك مسحوقا
( يستقيم الوزن بعرف )
والعرف بالكسر : الصبر ، قال الشاعر يصف شهامته وصبره في الحرب :
فجئت عارفة لذلك حرة ... ترسو إذا نفس الجبان تقطع ( كتبت قطع )
قوله عارفة : صابرة ، يعني نفسا صابرة ، ولم يجر للنفس ذكر ، بل أقام الصفة مقام الموصوف ، وقال آخر :
لنا في كل معترك وحرب ... ... حظوظ العرف والجلد المبين
والعرف بالضم : المعروف ، قال الله تعالى : [ وأمر بالعرف ] (¬5) قال الشاعر :
قوم إذا جلسوا وسط الندي فلا ... تلقاهموا بخلاف العرف يأتمروا
حرف العين :
عال كريم الجد ... ... أفعاله بالجد
صفحه ۲۸