والمراد بالآية : أنه تعالى أثبت الحجة على من يعبد الأصنام « واتخذها شريكا له (1)، بأن بين أنه إذا لم يصح أن تخلق الأجسام وتظهر النعم الجسام ، لم يصح أن تكون معبودة ؛ لأن الذى يستوجب العبادة هو خالق هذه الأمور ، فإذا تعذر ذلك عليها واستحال فيها. فيجب أن لا يصح أن تعبد وتستحق العبادة.
فإن قال : فقوله تعالى : ( فتشابه الخلق عليهم ) يجب أن يدل على أن غيره تعالى لا يفعل ما يشبه فعله ؛ لأن ذلك يوجب تشابه خلقه بخلق غيره ، وقد نفى الله ذلك.
قيل له : إنما يقع هذا التشابه متى قيل إن غيره تعالى يخلق العبد ويحييه وينعم عليه بالقدرة وغيرها ، [ ومتى قيل ذلك ] فقد تشابه ما يفعله تعالى بما يفعله غيره ، فلا يعلم عنده من المستحق للعبادة. فأما إذا قيل : إن جميع ذلك يختص تعالى بالقدرة عليه ، والعبد إنما يفعل الحركات والتأليف وما شاكلهما ، مما لا يلتبس حاله بحال ما يستوجب به العبادة ، فلا شبهة ولا اشتباه.
وبعد ، فإن هذا الكلام للمجبرة ألزم ، وذلك لأنهم يقولون إن نفس « الشيء الذى (2) يفعله العباد هو الذى يفعله تعالى ، والتشابه فى هذا الوجه أعظم ، لأن نفس الشيء الذى يفعله إذا ثبت فعلا للعباد ، كان الاشتباه أو التشابه آكد منه. إذا ثبت فعله غيرا لما يفعله تعالى ، وبين طريقيهما حتى يعلم انفصال أحدهما من الآخر.
صفحه ۴۰۹