315

275 مسألة : قالوا : ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن الظفر الحاصل المؤمن من فعله تعالى ، فقال : ( وما النصر إلا من عند الله ) [10].

والجواب عن ذلك قد تقدم من قبل ، لأنا قد بينا وجوه (1) النصر ، وأنه الظفر بالمطلوب الذى يقتضى التأثير فى العدو (2)، ويكون ذلك بالحجة والتعظيم والرفعة ، وقد يكون بالغلبة فى الحرب بالوجوه التى تقتضى ذلك من إلقاء الرعب فى نفس العدو ، ومن تثبيت قدم المؤمنين ، إما لأمر يرجع إلى ربط قلبه وإلى تقويته بالخواطر وغيرها ، أو لأمر يرجع إلى صلابة المستقر ، وقد يكون بالإمداد بالملائكة ، وقد يكون بعوارض تقتضى اعتقاد العدو كثرة المؤمنين ، واعتقاد المؤمن قلة عدد العدو ، وكل ذلك منه تعالى لا ينافى أن يكون العبد فاعلا متصرفا فى الحرب.

وقوله تعالى من بعد : ( وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام ) (3) يشهد لما ذكرناه بالصحة ، لأنه تعالى إنما ينصر بهذه الوجوه التى منها ربط القلب وشده ، إما بما يحدثه من الخواطر والتنبيه على ما أعد للصابر ، أو بذكر وعده بالظفر. وتثبيت القدم قد تكون على الوجهين الذين ذكرناهما.

وقد قيل : إنه تعالى أمطر لهم السماء يوم بدر فصليت لهم الأرض الرخوة الرملة ، فاقتضى ذلك فيهم تثبيت القدم ، وكثرة المطر للعدو وكثرة الوحل ، فأوجب ذلك ضررا فيهم.

** 276 مسألة :

صفحه ۳۱۶