297

لأنه إن صح ما قاله « من أنه جسم (1) فلا بد من أن يرى (2)، بل يجوز أن يلامس ويعانق ، تعالى الله عن ذلك! ...

والمراد بقوله : ( فلما تجلى ربه للجبل ): فلما أظهر من آياته وقدرته ما أوجب أن يصير دكا. وقد يقال تجلى بمعنى جلى ، كما يقال. حدث وتحدث ، ولذلك قال فى الساعة : ( لا يجليها لوقتها إلا هو ) (3) وظاهر جلى وتجلى : هو الإظهار ، فيجب أن يحمل على إظهار القدرة ، يبين ذلك أنه تعالى علق جعله الجبل دكا بالتجلى ولو أراد به تجلى ذاته لم يكن لذلك (4) معنى ؛ لأنه لو كان الجبل يجب أن يصير دكا أو أراد : تجلى ، بمعنى المقابلة لوجب أن لا يستقر له مكان ، بل كان يجب فى العرش أن يصير دكا ، وأن يكون بهذه الصفة أحق!

ولو كان فى الحقيقة تجلى الجبل ، بمعنى أنه أظهر وزال الحجب ، لكان من على الجبل يراه أيضا ، فكان لا يصح مع ذلك قوله : ( لن تراني ) وكان لا يصح أن يعلق نفى الرؤية بأن لا يستقر الجبل ، والمعلوم أنه لا يستقر بأن ينكشف ويرى ؛ لأن ذلك فى حكم أن يجعل الشرط فى أن لا يرى ما يوجب أن يرى ، وذلك متناقض.

** 262 وقوله تعالى من بعد :

الفتنة قد تكون على هذا الوجه (5).

وقوله ( تضل بها من تشاء ) يعنى : أن هذه المضار التى تكون محنة

صفحه ۲۹۸